أخبره عن ظن لم يقلده واجتهد لنفسه لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه فلم يجز له تقليد غيره كحالة اشتباه القبلة. والبصير والأعمى والمطمور القادر على التوصل إلى الاستدلال سواء لاستوائهم في إمكان التقدير بمرور الزمان كما بينا (فصل) وإذا سمع الاذان من ثقة عالم بالوقت فله تقليده لأن الظاهر أنه لا يؤذن الا بعد دخول الوقت فجرى مجرى خبره. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " المؤذن مؤتمن " ولولا أنه يقلد ويرجع إليه ما كان مؤتمنا وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين صلاتهم وصيامهم " رواه ابن ماجة. ولان الاذان شرع للاعلام بالوقت فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع الاذان لها ولم يزل الناس يجتمعون للصلاة في مساجدهم فإذا سمعوا الاذان قاموا إلى الصلاة وبنوا على قول المؤذن من غير مشاهدة للوقت، ولا اجتهاد فيه من غير نكير فكان إجماعا (فصل) ومن صلى قبل الوقت لم تجزه صلاته في قول أكثر أهل العلم سواء فعل ذلك خطأ أو عمدا كل الصلاة أو بعضها وبه قال الزهري والأوزاعي وأصحاب الرأي والشافعي. وروي عن ابن عمر وأبي موسى انهما أعادا الفجر لأنهما صليا قبل الوقت. وروي عن ابن عباس في مسافر صلى الظهر قبل الزوال يجزئه ونحوه قول الحسن والشعبي وعن مالك كقولنا. وعنه فيمن صلى العشاء قبل مغيب الشفق جاهلا أو ناسيا يعيد ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت قبل علمه أو ذكره فلا شئ عليه ولنا أن الخطاب بالصلاة يتوجه إلى المكلف عند دخول وقتها وما وجد بعد ذلك ما يزيله ويبرئ الذمة منه فيبقى بحاله (مسألة) (ومتى اجتهد وصلى فبان انه وافق الوقت أو ما بعده أجزأه) لأنه أدى ما خوطب بأدائه وفرض عليه (وان وافق قبله لم يجزه) لأن المخاطبة بالصلاة وسبب الوجوب وجدا بعد فعله فلم يسقط حكمه بما وجد قبله (فصل) وان صلى من غير دليل مع الشك لم تجزه صلاته سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى مع الشك في شرط الصلاة من غير دليل فلا تصح كمن اشتبهت عليه القبلة فصلى من غير اجتهاد
(٤٤٦)