(فصل) قال بعض أصحابنا إذا نوى رفع الحدث ثم غمس يده في الماء ليغرف بها صار الماء مستعملا. قال شيخنا والصحيح إن شاء الله أن ذلك لا يؤثر لأن قصد الاغتراف منع قصد غسلها على ما بيناه في المتوضئ إذا اغترف من الاناء لغسل يديه بعد وجهه، وإن انقطع حيض المرأة فهي قبل الغسل كالجنب فيما ذكرنا من التفصيل. وقد اختلف عن أحمد في هذا فقال في موضع في الجنب والحائض يغمس يديه في الاناء إذا كانا نظيفين فلا بأس به، وقال في موضع كنت لا أرى به بأسا ثم حدثت عن شعبة عن محارب بن دثار عن ابن عمر وكأني تهيبته، وسئل عن جنب وضع له ماء فوضع يده فيه ينظر حرمه من برده فقال إن كان أصبعا فأرجو أن لا يكون به بأس وإن كانت اليد أجمع فكأنه كرهه وسئل عن الرجل يدخل الحمام وليس معه ما يصب به الماء على يده ترى له أن يأخذ بفيه؟ فقال لا يده وفمه واحد وقياس المذهب ما ذكرنا وكلام أحمد محمول على الكراهة لما فيه من الخلاف، وقال أبو يوسف إن أدخل الجنب يده في الماء لم يفسد وإن أدخل رجله فسد لأن الجنب نجس فعفى عن يده لموضع الحاجة وكره النخعي الوضوء بسؤر الحائض، وأكثر أهل العلم لا يرون به بأسا منهم الحسن ومجاهد والزهري ومالك والأوزاعي والثوري والشافعي. وقد دللنا على طهارة الجنب والحائض، والتفريق بين اليد والرجل لا يصح لاستوائهما فيما إذا أصابتهما نجاسة كذلك في الجنابة قال شيخنا ويحتمل أن نقول به لأن اليد يراد بها الاغتراف وقصده هو المانع من جعل الماء مستعملا وهذا لا يوجد في الرجل فيؤثر غمسها في الماء والله أعلم
(٢٢٩)