والمزني وأصحاب الرأي والقول الثاني للشافعي لأن مسح الخفين ناب عن الرجلين خاصة فظهورهما يبطل ما ناب عنه كالتيمم إذا بطل برؤية الماء بطل ما ناب عنه. وهذا الاختلاف مبني على وجوب الموالاة فمن لم يوجبها في الوضوء جوز غسل القدمين لأن سائر أعضائه سواهما مغسولة ومن أوجب الموالاة أبطل الوضوء لفوات الموالاة، فعلى هذا لو خلع الخفين قبل جفاف الماء عن بدنه أجزأه غسل قدميه وصار كأنه خلعهما قبل مسحه عليهما، وقال الحسن وقتادة: لا يتوضأ ولا يغسل قدميه واختاره ابن المنذر لأنه أزال الممسوح عليه بعد كمال الطهارة أشبه ما لو حلق رأسه بعد مسحه ووجه الرواية الأولى أن الوضوء بطل في بعض الأعضاء فبطل في جميعها كما لو أحدث وما ذكروه يبطل بنزع أحد الخفين فإنه يلزمه غسلهما وإنما ناب مسحه عن إحداهما. وأما التيمم عن بعض الأعضاء فسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله. وقال مالك والليث بن سعد: ان غسل رجليه مكانه صحت طهارته فإن تطاول أعاد الوضوء لأن الطهارة كانت صحيحة إلى حين نزع الخفين أو انقضاء المدة وإنما بطلت في القدمين خاصة فإذا غسلهما عقيب النزع حصلت الموالاة بخلاف ما إذا تطاول، ولا يصح ذلك لأن المسح بطل حكمه وصار الآن يضيف الغسل إلى الغسل فلم يبق للمسح حكم ولأن الاعتبار في الموالاة إنما هو بقرب الغسل من الغسل لا من حكمه فإنه متى زال حكم الغسل بطلت الطهارة ولم ينفع قرب الغسل من الخلع شيئا لكون الحكم لا يعود بعد زواله إلا بسبب جديد والله أعلم
(١٧٠)