الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٨١
وحتى لا نخرج عن إطار السقيفة، لا بد أن نلقي نظرة عن الأسلوب الذي تم فيه الاختيار.
إن ما نتج من صراعات ومشادات عنيفة في السقيفة، كان دليلا كافيا على أن الخلافة اتخذت مجرى معاكسا لقضية الشورى، ذلك بأن جمعا غفيرا من الصحابة امتنعوا عن البيعة. فمنهم من بقي على تلك الحالة حتى قتل. كسعد بن عبادة الخزرجي (رض) ومنهم من تأخر حتى أجبر عليها بالسيف وقيد إليها بالعنف.
وتبين بعد ذلك كيف أن فترة خلافة أبي بكر التي لم تتجاوز مدتها سنتين. كيف عرفت قلائل كثيرة واهتزازات عنيفة كان أهمها وأخطرها تمرد القبائل العربية وامتناع الكثير عن إعطاء الزكاة تعبيرا منها عن رفض خلافة أبي بكر. وذلك فيما أسموه بحرب الردة.
لقد انطلق أبو بكر وعمر على حين غفلة ممن كانوا في انشغال بتجهيز رسول الله (ص) وانطلقوا إلى السقيفة ليواجهوا باقي التيارات الأخرى. فمنطق الشورى يقتضي وجود سلطة عليا سابقة، ليتحاكم إليها الجميع في الأمر. أما أن يفرض تيار معين نفسه مسؤولا عن تنظيم الشورى، فهذا أمر يناقض أساسيات الشورى، وعلى ذلك المبنى يتبين مدى " الدور " الذي سقط فيه الأمر، إذ لا بد من جهة عليا تتحدد سلفا عن طريق النص.
ويذكر براء بن عازب (62) " لم أزل لبني هاشم محبا، فلما قبض رسول الله (ص) خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول مع ما في نفسي من الحزن، لوفاة رسول الله (ص) فكنت أتردد إلى بني هاشم، وهم عند النبي (ص) في الحجرة، وأتفقد وجوه قريش فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر وإذا قائل يقول القوم في سقيفة بني ساعدة.
وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث وإذا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده، فمسحوها على يد أبي بكر، يبايعه

(62) شرح النهج ص 73.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235