الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية - حاج مالك بن الشيخ داود - الصفحة ١٩
عليه السلام عرش بلقيس في أقل من طرفة العين وقد كان الهدهد يدله على الماء.
فكل هذه كرامات وخوارق أثبتها الكتاب الكريم بحيث لا يمكن إنكارها ولكن مع هذا كله فلا يقتضي ثبوت هذه الكرامات أفضلية الأولياء على الأنبياء - كما يتوهمه بعض الجهال - بل هي منة من الله بها عليهم بصورة المزية ولا يستغرب ذلك فقد يوجد في النهر ما ليس في البحر وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للمفضول ما ليس للفاضل.
ومعلوم أن نهاية مراتب الأولياء هي بداية مراتب الأنبياء فلا مطمع للولي أن يصل إلى غبار النبي فضلا عن أن يماثله أو يفضل منه. ولكن فمن الواجب علينا أن نحترم أولياء الله تعالى ونصدق كراماتهم ونعلم بأن الذي أيد الأنبياء بالمعجزات هو الذي أيد الأولياء بالكرامات فالكرامات فروع من معجزات الأنبياء فكل كرامة نالها ولي إنما هي من معجزات نبيه وكذلك كرامة أولياء هذه الأمة فهي من معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان إنكار الكرامات إنكارا للمعجزات وإنكار المعجزات تكذيب للرسل وهو من الكفر الصريح والعياذ بالله. فلا ينبغي للمسلم - والحال هذه - أن ينكر على كرامات الأولياء مهما بلغت لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء لا اعتراض ولا شك أن الجهل خير من علم يؤدي إلى إنكار أولياء الله وكراماتهم.
فكل ما نحذر إخواننا المسلمين عامة، والوهابيين خاصة، أن يكفوا عن أذية أهل الله وأكل لحومهم. وأن لا يبادروا إلى معارضتهم في أية مسألة من المسائل الفقهية لكونهم أجدر من أن يكونوا على حجة وبصيرة مما هم فيه ولو أنه مخالف للظاهر وقد قيل:
(فسلم لأهل الله في كل مشكل.. لديك لديهم واضح بالأدلة) هذا ولا يجوز لأحد مهما كان عالما أن ينكر الشئ على أساس عدم وجود ذلك في علمه، لأن جوامع العلوم لم تتوفر لأحد سوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإنما الواجب عليه قبل الشروع في الانكار أن يعرضه على طرق الشريعة كلها و التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن شريعتي جاءت على ثلاثمائة و ستين طريقة ما سلك أحد منها طريقة إلا نجا.)
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»