وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٦٤
تشخب دما وهو مع ذلك يبكي ويقول: [يا أمة السوء لا سقيا لربكم * يا أمة لم تراعي جدنا فينا] [لو أننا ورسول الله يجمعنا * يوم القيامة ما كنتم تقولونا] [تسيرونا على الأقتاب عارية * كأننا لم نشيد فيكم دينا] [تصفقون علينا كفكم فرحا * وأنتم في فجاج الأرض تسبونا] [أليس جدي رسول الله ويلكم * أهدى البرية من سبل المضلينا] قال: وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض الخبز والإوز والتمر، فصاحت بهم أم كلثوم، يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام، وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض، قال:
كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم.
[وأعظم ما يشجي ويودع في الحشا * حرارة وجد دونها لذعة الجمر] [تصدق أعداها عليها شماتة * بما نالها بالخبز والجوز والتمر] ثم أن أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل وقالت: صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساءكم فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء. فبينا هي تخاطبهن إذا بصيحة قد ارتفعت وإذا هم قد أتوا بالرؤوس يتقدمهم رأس الحسين، وهو رأس أزهري قمري أشبه الخلق برسول الله، ولحيته كسواد السبج قد اتصل بها الخضاب، ووجهه دائرة قمر طالع والريح تلعب بها يمينا وشمالا، فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومت إليه بحرقة قلب وهي تقول:
[يا هلالا لما استتم كمالا * فاله خسفه فأبدى غروبا] [ما توهمت يا شقيق فؤادي * كان هذا مقدرا مكتوبا] [يا أخي فاطم الصغيرة كلمها * فقد كاد قلبها أن يذوبا] [يا أخي قلبك الشفيق علينا * ما له قد قسى وصار صليبا] [يا أخي لو ترى عليا لدى الأسر * مع اليتيم لا يطيق وجوبا]
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست