وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٦٩
[يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار] [الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار] قال: ثم قلت: هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه قال: فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن، مخمشة وجوههن، ضاربات خدودهن، يدعون بالويل والثبور، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمر على المسلمين منه.
[الله أكبر مات الدين وانطمست * أعلامه وهوى الايمان والرشد] [وقوضت خيم الأطهار من حرم * المختار لما هوى من بينها العمد] قال: وسمعت جارية تنوح على الحسين (ع) وتقول:
[نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا * وأمرضني ناع نعاه فأفجعا] [أعيني جودا بالدموع واسكبا * وجودا بدم بعد دمعكما معا] [على من دهى عرش الجليل فزعزعا * فأصبح هذا الدين والمجد أجدعا] [على ابن نبي الله وابن وصيه * وإن كان عنا شاحط الدار أشيعا] ثم قالت: أيها الناعي جددت حزننا بأبي عبد الله (ع) وخدشت منا قروحا لما تندمل فمن أنت يرحمك الله؟ فقلت: أنا بشر بن حذلم، وجهني مولاي علي بن الحسين وهو نازل بموضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله الحسين ونسائه قال: فتركوني وبادروني، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع، فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من الفسطاط، وكان علي بن الحسين داخلا فخرج ومعه منديل يمسح به دموعه وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك [نفسه] من البكاء، وارتفعت أصوات النساء بالبكاء وجئن النساء والجواري والناس يعزونه من كل ناحية، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة وصار وكأنه
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 175 ... » »»
الفهرست