زين العابدين بقضاء ثلاث حاجات، فلما عزموا على الرجوع قال عليه اللعنة للإمام (ع): أذكر حاجاتك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن فقال (ع):
الأولى: أن تريني وجه سيدي ومولاي وأبي الحسين فأتزود منه.
والثانية: أن ترد علينا ما أخذ منا.
والثالثة: إن كنت عزمت على قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن إلى حرم جدهن.
فقال عليه اللعنة: أما وجه أبيك فلن تراه أبدا، وأما قتلك فقد عفوت عنك، وأما النساء فلا يردهن إلى المدينة أحد غيرك، وأما ما أخذ منكم فأنا أعوضكم عنه أضعاف قيمته فقال (ع): أما مالك فلا نريده وهو موفر عليك، وإنما طلبت ما أخذت منا لان فيه مغزل فاطمة (ع) ومقنعتها وقلادتها وقميصها، فأمر برد ذلك فجهزوا وخرجوا من الشام فلما بلغوا العراق قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء، فلما وصلوا إلى موضع المصرع وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه مع جماعة من بني هاشم وغيرهم قد وردوا إلى زيارة الحسين (ع) فتلاقوا في وقت واحد وأخذوا بالبكاء والنحيب واللطم، وأقاموا العزاء واجتمع إليهم نساء أهل السواد، فخرجت زينب في الجمع وأهوت إلى جيبها فشقته ونادت بصوت حزين يقرح القلوب: وا أخاه وا حسيناه وا حبيب رسول الله وا ابن مكة ومنى وا ابن فاطمة الزهراء وا ابن علي المرتضى آه آه ثم آه [يا غريب الديار صبري غريب * وقتيل الأعداء نومي قتيل] ووقعت مغشيا عليها فاجتمعن النساء إليها ورششن الماء عليها حتى أفاقت كأني بها تنادي بلسان الحال:
[يا نازلين بكربلا هل عندكم * خبر بقتلانا وما أعلامها] [ما حال جثة ميت في أرضكم * بقيت ثلاثا لا يزال مقامها] [بالله واريتموها في الثرى * وهل استقرت في اللحود رمامها]