المراد أن السلطان إذا قلد شخصين قضاء بلدة ليس لأحدهما الانفراد بالقضاء في غيبة الآخر كما يتوهم، وإنما المراد أنه إذا فوض أمرا إلى قاضيين متوليين قبل تفويض الامر ليس لأحدهما الانفراد بالتصرف في ذلك الامر بدون رأي الثاني انتهى.
أقول: ما نفى أن يكون مرادا هو المصرح به كما في منية المفتي. وعبارتها: السلطان أو الامام الأكبر فوض قضاء ناحية إلى اثنين فقضى أحدهما لم يجز كأحد وكيلي بيع. كذا ذكره الحموي في البحر عن الخانية. ولو أن أحدا من هذين القاضيين أراد أن يعزل القيم الذي أقامه القاضي الآخر: فإن رأى المصلحة في ذلك كان له ذلك، وإلا فلا ا ه. قوله: (والتولية على الوقف) أي إذا نصبهما قاض واحد أو كانا منصوبي الواقف. قوله: (فإن هذه الستة) أي مع ضم الوكالة وإلا فهي خمس، والتحكيم على استثنائه، وإن أراد جميع ما تقدم مما لم يجز فيه الانفراد فهي تسع عشرة صورة مع مسألة الوكالة.
قوله: (كالوكالة فليس لأحدهما الانفراد) لان ما ذكر يحتاج إلى الرأي، ولم يذكر في البحر التحكيم، ولم يذكر في الأشباه المضاربة، بل زاد على ما هنا المودعين والمشروط لهما الاستبدال والادخال والاخراج، فباعتبار ما هنا تكون المسائل المثبتة بالوكالة ثمانية.
والحاصل: أن الشئ المفوض إلى اثنين لا يملكه أحدهما كالوكيلين والوصيين والناظرين والقاضيين اللذين يضعهما قاض واحد، أما لو كانا منصوبي قاضيين فلأحدهما الانفراد والمحكمين والمودعين والمشروط لهما الادخال والاستبدال والاخراج كما في الأشباه. قوله: (إلا في مسألة ما إذا شرط الواقف الخ) قال الحموي: يستفاد منه أن الناظرين أعم من أن يكون أحدهما المفوض أو غيره، وعلى هذا الاستثناء متصل لا منقطع. قوله: (له) أي للواقف نفسه. قوله: (فإن للواقف الانفراد دون فلان) لان الواقف هو الذي شرط لذلك الرجل، وما شرطه لغيره فهو مشروط لنفسه لتقييده ط.
قوله: (والوكيل بقضاء الدين) أعم من هذا عبارة الأشباه حيث قال: ولا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه إلا في مسائل وهي الثلاث الآتية. ا ه. وعلله في الملتقطات بأن فعل ذلك ليس بواجد عليه. قوله: (أو مال موكله) هكذا استنبطه العمادي من مسألة ذكرها عن الخانية حيث قال بعد نقله لعبارة الخانية: والفرع الأخير من هذه المسألة دليل على أن الوكيل بقضاء الدين من مال الوكيل لا يجبر على أداء الدين إذا لم يكن للموكل على الوكيل دين والمسألة كانت واقعة الفتوى ا ه.
وهي التي أردها الشارح ولكن ذكر قبله عنها ما يدل على خلافه من أنه لو كتب في آخر كتابه أنه يخاصم ويخاصم ثم ادعى قوم قبل الموكل الغائب مالا فأقر الوكيل بالوكالة وأنكر المال فأحضروا الشهود على الموكل لا يكون لهم أن يحسبوا الوكيل لأنه جزاء الظلم ولم يظهر ظلمه، إذ ليس في هذه الشهادة أمر بأداء المال ولا ضمان الوكيل عن الموكل، فإذا لم يجب على الوكيل أداء المال من مال الموكل بأمر موكله ولا بالضمان عن موكله لا يكون الوكيل ظالما بالامتناع ا ه. ملخصا.
ومفاده أنه لو ثبت أمر موكله أو كفالته عنه يؤمر بالأداء، وعليه يحمل كلام قارئ الهداية.
تأمل.
ثم رأيت في حاشية المنح حيث قل: أقول كلام الخانية صريح فيما أفتى به قارئ الهداية فإنه