قلنا: الرد بالتراضي بيع جديد في حق ثالث والموكل ثالثهما، ولا نسلم أن الحق متعين في الرد بل يثبت حقه أولا في وصف السلامة، ثم إذا عجز ينتقل إلى الرد، ثم إذا امتنع الرد بحدوث العيب أو بزيادة حدثت فيه ينتقل إلى الرجوع بالنقصان فلم يكن الرد متعينا، وهكذا ذكر الروايتين في شرح الجامع الصغير وغيره، وبين الروايتين تفاوت كبير، لان فيه نزولا من اللزوم إلى أن لا يخاصم بالكلية، وكان الأقرب أن يقال: لا يلزمه ولكن له أن يخاصم. زيلعي. وبه علم أن قول المتن أو إقراره فيما لا يحدث مثله: أي فيلزم الموكل مبني على رواية البيوع المخالفة لعامة روايات المبسوط من لزومه للوكيل، ولذا قال في المواهب: لو رد عليه بما لا يحدث مثله بإقرار يلزم الوكيل ولزوم الموكل رواية. ا ه.
فتنبه. قوله: (ورده الوكيل على الآمر) لو قال فهو رد على الآمر لكان أولى، لان الوكيل لا يحتاج إلى خصومة مع الموكل إلا إذا كان عيبا يحدث مثله ورد عليه بإقرار بقضاء وإن بدون قضاء لا تصح خصومته لكونه مشتريا.
وحاصل هذه المسألة: أن العيب لا يخلو إما أن لا يحدث مثله كالسن أو الإصبع الزائدة، أو يكون حادثا لكن لا يحدث مثله في هذه المدة، أو يحدث في مثلها. ففي الأول والثاني يرده القاضي من غير حجة من بينة أو إقرار أو نكول لعلمه بكونه عند البائع، وتأويل اشتراط الحجة في الكتاب أن الحال قد يشتبه على القاضي بأن لا يعرف تاريخ البيع فيحتاج إليها ليظهر التاريخ، أو كان عيبا لا يعرفه إلا الأطباء أو النساء، وقولهم حجة في توجه الخصومة لا في الرد فيفتقر إلى الحجة للرد، حتى لو عاين القاضي البيع وكان العيب ظاهرا لا يحتاج إلى شئ منها، وكذا الحكم في الثالث إن كان ببينة أو نكول، لان البينة حجة مطلقا، وكذا النكول حجة في حقه فيرده عليه، والرد في هذه المواضع على الوكيل رد على الموكل. وأما إن رده عليه في هذا الثالث بإقراره: فإن كان بقضاء فلا يكون ردا على الموكل لأنه حجة قاصرة فلا تتعدى، ولكن له أن يخاصم الموكل فيرده عليه ببينة أو بنكوله، لان الرد فسخ لأنه حصل بالقضاء كرها عليه فانعدم الرضا. وإن كان بغير قضاء فليس له الرد، لأنه إقالة وهي بيع جديد في حق ثالث وهو الموكل في الأول. والثاني: لو رد على الوكيل بالاقرار بدون قضاء لزم الوكيل، وليس له أن يخاصم الموكل في عامة الروايات. وفي رواية يكون ردا على الموكل كما قدمناه قريبا عن الزيلعي. قال في الاصلاح: وكذا بإقرار فيما لا يحدث مثله إن رد بقضاء ا ه. قوله: (ولو بإقراره فيما يحدث لا يرده ولزم الوكيل) إلا أنه إن كان الرد بقضاء فللوكيل أن يخاصم الموكل فيلزمه ببينة أو بنكوله.
قال المقدسي: ولا يرده إلا ببرهان أنه كان عنده، وإلا يحلف، فإن نكل يرده وإلا لزم الوكيل.
ثم قال: فإن قيل: كيف يرده ويخاصم الموكل مع أن الرد بالاقرار فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق الموكل؟ قلنا: الرد ما حصل بإقراره بل بقضاء القاضي بكره منه فجعل فسخا، لك استند لدليل قاصر، فعممنا الفسخ عند البرهان ولزم الوكيل عند عمومه عملا بقصور المستند وهو الاقرار.
قال في النهاية: قضاء القاضي مع إقرار الوكيل متصور إذا أقر بالعيب وامتنع من القبول فيجبره عليه، وإن رده المشتري بإقرار الوكيل بغير قضاء لزمه ولم يخاصم بحال.
وفي كافي الحاكم: إذا قبل الوكيل المبيع بغير قضاء بخيار شرط أو رؤية جاز على الآمر كرده