الرابعة: شاهد تعديل العلانية لا يشترط تزكيته ظاهرا بعد يؤال القاضي عن الشهود المطلوب تعديلهم في السر ممن يثق به من أمنائه وأخبره بعدالتهم، ولا بد من المغايرة بين شهود السر والعلانية، وإنما لم تشترط عدالتهم لأنها للاحتياط إجابة للمدعي إلى ما طلب اه. ذكر العلامة عبد البر في شرح الوهبانية، ومثله في شرحها لمصنفها. وذكر في البحر أن ذلك في شهادة العلانية محمول على أن مزكيها معروف العدالة لنقل الاجماع على أن تزكيه العلانية كالشهادة، أو هو محمول عن ما إذا تقدمت التزكية سرا، ولئن كان ما ذكره العلامة عبد البر عن الامام إسماعيل مرادا فهو ضعيف لنقل الاجماع على أن تزكية العلانية كالشهادة اه. قوله: (بما سمع) أي إن كان من المسموعات، وقوله: أو رأى أي إن كان من المرئيات، وقد يكون الشئ مسموعا ومرئيا باعتبارين، وأشار بقوله: بما سمع إلى أنه لا بد من علم الشاهد بما يشهد به، ولهذا قال في النوازل عن رجل ادعى على ورثة ميت مالا فالامر بإثبات ذلك فأحضر شاهدين شهدا أن المتوفى قد أخذ من هذا المدعي منديلا فيه دراهم ولم يعلما كم وزنها هل تجوز شهادتهما، وهل يجوز للشاهدين أن يشهدا بذلك؟ قال: إن كان الشهود وقفوا على تلك الصرة وفهموا أنها دراهم وحرزوها فيما يقع عليه يقينهم من مقدارها شهدوا بذلك، وينبغي أن يعتبروا جودتها فإنها قد تكون ستوقة، فإذا فعلوا ذلك جازت شهادتهم اه.
وفي خزانة الأكمل: رجل في يده درهمان كبير وصغير فأقر بأحدهما لرجل فشهدا أنه أقر بأحدهما ولا ندري بأيهما أقر فإنه يؤمر بتسليم الصغير اه. قوله: (في مثل البيع) إن عقداه بإيجاب وقبول كان من المسموعات، وإن بتعاط كان من المرئيات: وفيه يشهدون بالأخذ والاعطاء، ولو شهدوا بالبيع جاز. بحر عن البزازية. قال في الدرر: ويقول: أشهد أنه باع أو أقر لأنه عاين السبب فوجب عليه الشهادة كما عاين، وهذا إذا كان البيع بالعقد ظاهر، وإن كان بالتعاطي فكذلك، لان حقيقة البيع مبادلة المال بالمال وقد وجد. وقيل: لا يشهدون على البيع بل على الاخذ والاعطاء لأنه بيع حكمي لا حقيقي اه.
في البحر عن الخلاصة: رجل حضر بيعا ثم احتيج إلى الشهادة للمشتري، يشهد له بالملك بسبب الشراء ولا يشهد له بالملك المطلق، لان الملك المطلق ملك من الأصل والملك بالشراء حادث اه.
وانظر ما قدمناه في شتى القضاء وما سنذكره في باب الاختلاف في الشهادة إن شاء الله تعالى. قوله:
(والاقرار) هو باللسان من المسموعات بأن يسمع قول المقر لفلان علي كذا. قوله: (ولو بالكتابة) في البحر عن البزازية ما ملخصه: إذا كتب إقراره بين يدي الشهود ولم يقل شيئا لا يكون إقرارا فلا تحل الشهادة به ولو كان مصدرا مرسوما، وإن لغائب على وجه الرسالة على ما عليه العلامة لان الكتابة قد تكون للتجربة. وفي حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا مصدرا وإن لم يكن الغائب. وإن كتب وقرأ عند الشهود مطلقا أو قرأه غيره وقال الكاتب: اشهدوا علي به أو كتبه عندهم وقال: اشهدوا علي بما فيه وعلموا به كان إقرارا وإلا فلا، وبه ظهر أن ما هنا خلاف ما عليه العامة، لكن جزم به في الفتح وغيره، وأفتى به الشيخ سراج الدين قارئ الهداية، إذا كان على رسم الصكوك واعترف بأنه خطه أو شهدوا عليه به وقد شاهدوا كتابته وعرفوا ما كتبه أو قرأه عليهم. هذا حاصل ما أجاب به في