قال في البحر: والأصل في شهادة النساء القبول لوجود ما يبتني عليه أهلية الشهادة، وهي المشاهدة والضبط والأداء، ونقصان الضبط بزيادة النسيان انجبر بضم الأخرى إليها فلم يبق بعد ذلك إلى الشبهة، ولهذا لا تقبل فيما يندرئ بالشبهات، وهذه الحقوق تثبت بالشبهات. وحقق الأكمل في العناية بأنه لا نقصان في عقلهن فيما هو مناط التكليف بل فيما هو العقل بالملكة، ففيهن نقصان بمشاهدة حالهن في تحصل البديهيات باستعمال الحواس الجزئيات وبالنسبة إن ثبتت، فإنه لو كان في ذلك نقصان لكان تكليفهن دون تكليف الرجال في الأركان، وقوله صلى الله عليه وآله : ناقصات عقل المراد به العقل بالعقل ولذلك. لم يصلحن للولاية والخلافة والامارة اه ملخصا.
وتمامه فيه. قوله: (ولا يفرق بينهما) أي المرأتين، حكي أن أم بشر شهدت هي وأم الشافعي عند الحاكم، فقال الحاكم فرقوا بينهما، فقالت ليس لك ذلك، قال الله تعالى: * (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) * (البقرة: 282) فسكت الحاكم كذا في البحر.
قال التاج السبكي بعد نقل هذه الحكاية: وهذا فرع حسن واستنباط جيد ومنزع غريب، والمعروف في مذهب ولدها إطلاق القول بأن الحاكم إذا ارتاب بالشهود استحب له التفريق بينهم، وكلامها صريح في استثناء النساء للمنزع الذي ذكرته ولا بأس به اه. وما ذكره في البحر من الحكاية المذكورة ليس صريحا في أن المذهب عندنا عدم التفريق في الشهادة للنساء إذا ارتاب القاضي. ذكره بعض الفضلاء. قوله: (لقوله تعالى فتذكر إحداهما الأخرى) ولا تذكر إلا مع الاجتماع. قوله: (لئلا يكثر خروجهن) أي ولعدم ورود الشرع به. قوله: (وخصهن) أي خص قبول شهادتهن. قوله:
(وتوابعها) كالأجل وشرط الخيار. منح. والدليل لكل مذكور في المطولات.
والحاصل: أن أنواع الشهادة ستة (1): ما لا يقبل إلا بشهادة أربع، وما لا يقبل إلا برجلين، وما يقبل فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وما قبل فيه شهادة المرأة، وما قبل فيه شهادة النساء وحدهن بحكم الدية كما ذكرنا. قوله: (ولزم) أي شرط، والشرط هنا ما لا بد منه ليشمل الركن والشرط. بحر. قوله: (من المراتب الأربع) هي الزنا وبقية الحدود وما لا يطلع عليه الرجال، والرابع غيرها من الحقوق. وقيل لا يشترط في النساء وهو ضعيف، ولا بد من شرط آخر لجميعها وهو التفسير، حتى لو قال أشهد مثل شهادته لا تقبل، ولو قال مثل شهادة صاحبي تقبل عند العامة، وقيده الأوزجندي بما إذا قال لهذا المدعي على هذا المدعى عليه، وبه يفتى. خلاصة. وقال الحلواني:
إن كان فصيحا لا يقبل منه الاجمال، وإن كان عجميا يقبل بشرط أن يكون بحال إن استفسر بين.
وقال السرخسي: إن أحس القاضي بخيانة كلفه التفسير، وإلا لا. وفي البزازية: وقال الحلواني: لو أقر المدعى عليه أو وكيله فقال الشاهد أشهد بما ادعاه هذا المدعي على هذا المدعى عليه أو قال المدعي في يده بغير حق يصح عندنا اه. وفيها كتب شهادته فقرأها بعضهم فقال الشاهد أشهد أن لهذا المدعي على هذا المدعى عليه كل ما سمى ووصف في هذا الكتاب، أو قال هذا المدعي الذي