مطلب طاعة أولي الامر واجبة قوله: (لوجوب طاعة ولي الأمر) بالآية الشريفة، ومن طاعته تصديقه. قال العلامة البيري في أواخر شرحه على الأشباه والنظائر عند الكلام على شروط الإمامة: ثم إذا وقعت البيعة من أهل الحل والعقد صار إماما يفترض إطاعته كما في خزانة الأكمل.
وفي شرح الجواهر: تجب إطاعته فيما أباحه الدين وهو ما يعود نفعه إلى العامة، كعمارة دار الاسلام والمسلمين مما تناوله الكتاب والسنة والاجماع ا ه.
وفي النهاية وغيرهما: روي عن أبي يوسف لما قدم بغداد صلى بالناس العيد وكلفه هارون الرشيد وكبر تكبير ابن عباس رضي الله عنهما. وروي عن محمد هكذا. وتأويله أن هارون أمرهما أن يكبرا تكبير جده، ففعلا ذلك امتثالا لامره، وقد نصوا في الجهاد على امتثال أمره في غير معصية.
وفي التتارخانية عن المحيط: إذا أمر الأمير أهل العسكر بشئ فعصاه في ذلك واحد فالأمير لا يؤدبه في أول وهلة، ولكن ينصحه حتى لا يعود إلى مثل ذلك بل يعذره، فإن عصاه بعد ذلك أدبه، إلا إذا بين في ذلك عذرا فعند ذلك يخلي سبيله، ولكن يحلفه بالله تعالى لقد فعلت هذا بعذر ا ه.
وقد أخذ البيري من مجموع هذه النقول أنه لو أمر أهل بلدة بصيام أيام بسبب الغلاء أو الوباء وجب امتثال أمره، والله تعالى أعلم. وتقدم في العيدين والاستسقاء، وانظر ما قدمه سيدي الوالد في باب الإمامة من كتاب الصلاة. قوله: (ومنعه محمد) هذا ما رجع إليه بعد الموافقة ح. قوله: (حتى يعاين الحجة) زاد عليه بعض المشايخ: أو يشهد بذلك مع القاضي عدل، وهو رواية عنده، ومعناه:
أو يشهد القاضي والعدل على شهادة الذين شهدوا بسبب الحد لا على حكم القاضي وإلا كان القاضي شاهدا على فعل نفسه، واستبعده في فتح القدير بكونه بعيدا في العادة وهو شهادة القاضي عند الجلاد، والاكتفاء بالواحد على هذه الرواية في حق يثبت بشاهدين، وإن كان في زنا فلا بد من ثلاثة أخر. كذا ذكره الأسبيجابي. بحر.
مطلب: القضاة إذا تولوا بالرشا أحكامهم باطلة قوله: (واستحسنوه في زماننا) لان القضاة قد فسدوا فلا يؤمنوا على نفوس الناس ودمائهم وأموالهم ح. قال في العناية: لا سيما قضاة زماننا، فإن أكثرهم يتولون بالرشا فأحكامهم باطلة ا ه.
والتدارك غير ممكن. أقول: هذا في قضاة زمانهم فما بالك في قضاة زماننا، أصلح الله تعالى أحوالنا جميعا آمين بمنه وكرمه. قوله: (وفي العيون وبه يفتى) قال في البحر: لكن رأيت بعد ذلك في شرح أدب القضاء للصدر الشهيد أنه صح رجوع محمد إلى قولهما، رواه هشام عنه ا ه.
فالحاصل: أن الشيخين قالا بقبول إخبار القاضي عن إقرار الخصم بما لا يصح رجوع المقر عنه كالقصاص وحد القذف والأموال والطلاق وسائر الحقوق، وإن محمدا وافقهما أولا ثم رجع إلى ما ذكر عنه من أنه لا يقبل إلا بضم رجل آخر إليه ثم صح رجوعه إلى قولهما. وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شئ يصح رجوعه عنه كالحد لم يقبل قوله بالاجماع، وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك وعدلوا وقبلت شهادتهم على ذلك تقبل في الوجهين جميعا، وهذا في القاضي المولى.