المتقدم من المتأخر، لان سبب الإرث ثابت للمتأخر منهما لكن المستحق مجهول فتعذر الاثبات لأحدهما، وصار كما لو أعتق إحدى أمتيه بعينها ثم نسيها لا يحل له وطؤهما لجهالة المملوكة. وقال في الارفاد:
أو مات أحدهما قبل الآخر وأشكل السابق جعلوا كأنهم ماتوا معا فمال كل واحد لورثته الاحياء ولا يرث بعض الأموات من بعض. هذا مذهب أبي حنيفة إ ه. وذكر ذلك أيضا في سكب الأنهر وشرح الكنز للمقدسي، وقد لخصت ذلك في الرحيق المختوم، وذكرت فيه أن المتبادر من هذه العبارات كلها أن محل النزاع هو الحالة الثانية، وهي ما إذا علم التلاحق وجهل عين السابق، وقد خصه في سكب الأنهر بالخامسة، وهي ما إذا علم السابق بعينه ثم أشكل، ولعله أخذه من قول العلامة قاسم إنه قول الشافعية، فإن الشافعية ذكروا ذلك في الخامسة فقط كما في شرح الترتيب للشنشوري، لكن إذا جرى النزاع في الثانية يجري في الخامسة بالأولى. تأمل. قوله: (أنه لو مات أحدهما) أي أولا كما في حاشية شيخه. قوله: (إذ لا توارث بالشك) علة لمقدر وهو: ولا يرث بعضهم من بعض، أو لما صرح به المصنف أولا، وهذا قول أبي حنيفة آخرا، وكان أولا يقول: يرث بعضهم من بعض إلا ما ورث من صاحبه، والمعتمد الأول لاحتمال موتهما معا أو متعاقبا، فوقع الشك في الاستحقاق واستحقاق الاحياء متيقن والشك لا يعارض اليقين، فلو غرق أخوان ولكل منهما تسعون درهما وخلف بنتا وأما وعما فعلى المعتمد تقسم تركة على ورثته الاحياء من ستة للبنت النصف وللأم السدس وللعم ما بقي، وعلى القول الثاني ما بقي وهو ثلاثون للأخ لا للعم، ثم تقسم الثلاثون بين البنت والام والعم على ستة كما تقوم فيصير للبنت ستون وللأم عشرون وللعم عشرة ا ه. قاسم ملخصا.
تنبيه: برهن كل من الورثة أن أباه مات آخرا تهاترتا عند أبي حنيفة، وكذا لو ادعى ورثة كل إن أبا الآخر مات أولا وحلف لم يصدق، أمل لو برهن واحد منهم في الأولى أو ادعى وحلف في الثانية صدق لعدم المعارض، ولو مات أخوان عند الزوال أو الطلوع أو الغروب في يوم واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ورث ميت المغرب من ميت المشرق لموته قبله، لان الشمس وغيرها من الكواكب تزول وتطلع وتغرب في المشرق قبل المغرب ا ه. سكب الأنهر. قال في الدر المنتقى:
ومفاده أنه لو اتحدت البلدة أو تقاربت مل يكن الحكم كذلك، فليراجع ذلك ا ه.
قلت: لا شك في انتفاء الإرث بالشك وثبوته بعدمه. قوله: (فإنه يرث بالحاجب) كما لو تزوج مجوسي أمة. زاد في سكب الأنهر: أو وطئ مسلم أو غيره لشبهة فولدت بنتا فماتت البنت عن أمها وهي جدتها ترث بالأمومة فقط، لان الام تحجب الجدة. قوله: (يرث بالقرابتين) كما لو ماتت الام المذكورة عن بنتها وهي بنت ابنها ترث النصف بكونها بنتا والسدس تكملة الثلثين بكونها بنت ابن.
قوله: (عندنا) أما عند الشافعية فيرث بأقواهما كما قدمناه قبيل باب العول. قوله: (ولا يرثون إلا بأنكحة مستحلة عندهم) محترز قوله: بالقرابتين والفرق أن هذه الأنكحة غير ثابتة في حكم الاسلام على الاطلاق، بخلاف القرابة لان النسب يستحق به الميراث ولو كان سببه محظورا كما في النكاح الفاسد والوطئ بشبهة. مقدسي. وفيه: ولو ثبت حرمة مصاهرة بين زوجين فحدث بينهما ولد فمات