ثم اعلم أن ما ذكره من الأوجه مبني على أن النصف يراد به أحد قسمي الشئ، فإن كل شئ تحته نوعان، أحدهما نصف له وإن لم يتحد عددهما، ومنه حديث أحمد الطهور نصف الايمان وقول العرب: نصف السنة حضر ونصفها سفر: أي تنقسم زمانين وإن تفاوتت عدتهما، وقول شريح وقد قيل له كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت ونصف الناس علي غضبان، يريد أنهم بين محكوم له راض ومحكوم عليه غضبان. وقول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفان شامت * وآخر راض بالذي كنت أصنع وقول مجاهد: المضمضة والاستنشاق نصف الوضوء: أي أنه نوعان مطهر لبعض الباطن، ومطهر لبعض الظاهر. أفاده ابن حجر في شرح الأربعين. قوله: (بالنص) أرد به ما يعم الاجماع.
قوله: (أو بالضروري) أي الإرث، والاختياري كالبيع والشراء وقبول الهبة والوصية. قوله: (وهل إرث الحي من الحي الخ) أي قبيل الموت في آخر جزء من أجزاء حياته، والأول قول زفر ومشايخ العراق، والثاني قول الصاحبين، وثمرة الخلاف فيما لو تزوج بأمه مورثه ولا وارث غيره فقال لها إذا مات مولاك فأنت حرة، فعلى الأول تعتق لأنه أضاف العتق إلى الموت والملك ثابت له قبله، وعلى الثاني لا تعتق لثبوت الملك بعده أفاده في شرح الوهبانية. وتظهر الثمرة أيضا فيما لو علق الوارث طلاقها بموت مولاها كما نص عليه البيري عن السراجية.
أقول: وبه تظهر فائدة تصويرها بالزوج، وإلا فتعليق العتق لا يتوقف على الزوجية. تأمل.
قوله: (المعتمد الثاني) وكذا ذكر الطرابلسي في سكب الأنهر أن عليه المعول، لكن ذكر في الدر المنتقى عن التتارخانية أن الاعتماد على الأول. قوله: (الخالية الخ) صفة كاشفة، لان التركة في الاصطلاح ما تركه الميت من الأموال صافيا عن تعلق حق الغير بعين من الأموال كما في شروح السراجية.
واعلم أنه يدخل التركة الدية الواجبة بالقتل الخطأ أو بالصلح عن العمد أو بانقلاب القصاص مالا بعفو بعض الأولياء، فتقضى منه ديون الميت وتنفذ وصاياه كما في الذخيرة. قوله:
(بعينها) متعلق بقوله: تعلق. قوله: (كالرهن الخ) مثال للعين التي تعلق بها حق الغير، فإذا رهن شيئا وسلمه ولم يترك غيره فدين المرتهن مقدم على التجهيز، فإن فضل بعده شئ صرف إليه. قوله:
(والعبد الجاني) أي في حياة مولاه ولا مال له سواه فإن المجني عليه أحق به من المولى، إلا أن يفضل بعد أرش الجناية شئ.
تنبيه: لو كان العبد الجاني هو المرهون قد حق المجني عليه، لأنه أقوى لثبوته على ذمة العبد، وحق المرتهن في ذمة الراهن ومتعلق برقبة العبد لا في ذمته، ذكره يعقوب باشا في حاشية شرح السراجية للسيد الشريف. قوله: (والمأذون المديون) أي فإذا مات المولى ولا مال له سواه قدم الغرماء على التجهيز. قوله: (والمبيع المحبوس بالثمن) كما لو اشترى عبدا ولم يقبضه فمات قبل نقد الثمن، فالبائع أحق بالعبد من تجهيز المشتري.