الكتاب في تعريف الفقه أنه عند الفقهاء حفظ الفروع وأقله ثلاث اه. وعزاه في البحر إلى الملتقى.
ثم قال: وذكر في التحرير أن الشائع إطلاقه على من يحفظ الفروع مطلقا: يعني سواء كانت بدلائلها أولا اه. قوله: (لكن قدمنا الخ) استدراك على التطيين فقط، ولم يتعرض لبناء القبة فهو مكروه اتفاقا ط. قوله: (لأنها حينئذ وصية بالمكروه) مقتضاه أنه يشترط لصحة الوصية عدم الكراهة، وقدم أول الوصايا أنها أربعة أقسام وأنها مكروهة لأهل فسوق، ومقتضى ما هنا بطلانها، اللهم إلا أن يفرق بأن الوصية إما صلة أو قربة وليست هذه واحدة منهما فبطلت، بخلاف الوصية لفاسق فإنها صلة لها مطالب من العباد فصحت، وإن لم تكن قربة كالوصية لغنى لأنها مباحة وليست قربة كما مر، هذا ما ظهر لي، وسيأتي في أول فصل وصايا الذمي ما يوضحه. قوله: (بناء على القول بكراهة القراءة على القبور).
أقول: ليس كذلك لما في الولوالجية: لو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن، أما بذلك فلا معنى لها، ولا معنى أيضا لصلة القارئ لان ذلك يشبه استئجاره على قراءة القرآن وذلك باطل، ولم يفعله أحد من الخلفاء اه بحروفه. فقد صرح بحسن القراءة على القبر وببطلان الوصية فلم يكن مبنيا على القول بالكراهة. قوله: (أو بعدم الخ) أي أو يكون مبنيا على القول بعدم جواز الإجارة على الطاعات، وفي كونه مما أجيز الاستئجار عليه. تأمل. لان ما أجازوه إنما أجازوه في محل الضرورة كالاستئجار لتعليم القرآن أو الفقه أو الاذان أو الإمامة خشية التعطيل لقلة رغبة الناس في الخير، ولا ضرورة في استئجار شخص يقرأ على القبر أو غيره ا ه. رحمتي.
أقول: هذا هو الصواب، وقد أخطأ في هذه المسألة جماعة ظنا منهم أن المفتى به عند المتأخرين جواز الاستئجار على جميع الطاعات، مع أن الذي أفتى به المتأخرون إنما هو التعليم والاذان والإمامة، وصرح المصنف في المنح في كتاب الاجارات وصاحب الهداية وعامة الشراح وأصحاب الفتاوى بتعليل ذلك بالضرورة وخشية الضياع كما مر،، ولو جاز على كل طاعة لجاز على الصوم والصلاة والحج مع أنه باطل بالاجماع، وقد أوضحت ذلك في رسالة حافلة ذكرت نبذة في باب الإجارة الفاسدة، والاستئجار على التلاوة وإن صار متعارفا فالعرف لا يجيزه لأنه مخالف للنص، وهو ما استدل به أئمتنا كصاحب الهداية وغيره من قوله عليه الصلاة والسلام: اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به.
والعرف إذا خالف النص يرد بالاتفاق، فاحفظ ذلك ولا تمكن ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا وجعلها دكانا يتعيش منها. (أما على المفتى به فينبغي جوازها مطلقا) أي سواء كان القول بالبطلان مبنيا على كراهة القراءة على القبر أو على عدم جواز الاستئجار على الطاعات.