قلت: بل هو مخالف للمتون أيضا كما يأتي على أن كون الإرث فيه بسبب حادث محل نظر. نعم ذكر في الهداية أنه لو غير مديون يصح وإلا فلا وسيأتي، فتدبر. قوله: (ولو عند غني ورثته الخ) أشار بزيادة لو الوصيلة إلى أن الوصية بما دون الثلث عند عدم الغني أو الاستغناء مستحبة أيضا، وهو كذلك لما قال في الهداية: ويستحب أن يوصي بدون الثلث سواء كانت الورثة أغنياء أو فقراء، لان في التنقيص صلة القريب بترك ما له عليهم، بخلاف استكماله الثلث لأنه استيفاء تمام حقه فلا صلة، ثم هل الوصية بأقل من الثلث أولى أم تركها؟ قالوا: إن كانت الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى لما في من الصدقة على القريب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح ولأن فيه رعاية حق الفقر والقرابة جميعا، وإن كانوا أغنياء أو يستغنون بنصيبهم فالوصية أولى، لأنه يكون صدقة على الأجنبي، والترك هبة من القريب، والأول أولى لأنه يبتغي بها وجه الله تعالى، وقد قيل في هذا الوجه: يخير لاشتمال كل على فضيلة وهو الصدقة أو الصلة اه كلام الهداية.
وحاصله: أنه لا تنبغي الوصية بتمام الثلث، بل المستحب التنقيص عنه مطلقا لأنه عليه الصلاة والسلام قد استكثر الثلث بقوله: والثلث كثير لكن التنقيص عند فقر الورثة وإن كان مستحبا إلا أن ثمة ما هو أولى منه، وهو الترك أصلا، فإن المستحب تتفاوت درجاته، وكذا المسنون والمكروه وغيرهما، وبهذا ظهر لك أن إتيان الشارح المحقق بلو الوصيلة موافق للهداية، فافهم. هذا، وفي القهستاني: إذا كان المال قليلا لا ينبغي أن يوصي على ما قال أبو حنيفة: وهذا إذا كان الأولاد كبارا، فلو صغارا فالترك أفضل مطلقا على ما روى عن الشيخين كما في قاضيخان إ ه. فالتفصيل إنما هو في الكبار، أما الصغار فترك المال لهم أفضل ولو كانوا أغنياء.
تنبيه: قال في الحاوي القدسي: من لا وارث له ولا دين عليه فالأولى أن يوصي بجميع ماله بعد التصدق بيده. قوله: (أو استغنائهم بحصتهم) أي صيرورتهم أغنياء بأن يرث كل منهم أربعة آلاف درهم على ما روى عن الامام، أو يرث عشرة آلاف درهم على ما روى عن الفضلي. قهستاني عن الظهيرية. واقتصر الإتقاني عن الأول، قوله: (أي غني واستغناء) عبر بالواو إشارة إلى أن المراد بقوله: بلا إحداهما عدمهما معا، إذ لو وجد أحدهما دون الآخر كان المندوب الفعل لا الترك فيناقض ما قبله، فتدبر، قوله: (لأنه) أي ترك الوصية. قوله: (كمستأمن) فإنه إذا أوصى بكل ماله لمسلم أو ذمي جاز، لان المنع عن الوصية بالكل لحق الورثة، ولا حق للورثة في دار الحرب.
ولوالجية. وسيأتي تمامه في باب وصايا الذمي. قوله: (لعدم المزاحم) علة لقوله: وصحت وما بعده.
قوله: (وتكون وصية بالعتق) أي تكون هذه الوصية وصية للعبد بنفسه تصحيحا لها وبما زاد على قيمته إلى تمام الثلث. قوله: (فإن خرج من الثلث الخ) فيه إجمال، وبيانه ما نقله ط عن الهندية عن البدائع: إن كان المال دراهم ألا دنانير وقيمة ثلثي العبد مثل ما وجب له صار قصاصا، ولو في المال زيادة دفعت إليه أو في ثلثي العبد زيادة دفعت إلى الورثة، وإن كان عروضا لا يصير قصاصا إلا