كان الواجب القود، وبه يحصل التوفيق بين كلامهم، فما صرح به الكرخي وأفاده كلام الإمام محمد من صحة الصلح المراد به صحته بإلزام تمام الدية، وهو مراد من قال: لم يجز الحط، وقول الشارح هنا تبعا للمنح: لم يصح الصلح مراده لم يلزم بذلك القدر الناقص، ولو عبر بما قاله شراح الهداية لكان أنسب، وبه ظهر أن اعتراض الامام الإتقاني في غير محله، فاغتنم هذا التحرير. قوله: (لأنه أنظر للمعتوه) الواقع في كلامهم ذكر هذا التعليل عند قوله: ملك الصلح كما قدمناه، والظاهر التعليل هنا بأن فيه إبطال حقه نظير ما قبله. قوله: (والصلح) ينبغي على قياس ما تقدم في الأب أن يتقيد صلحه بقدر الدية أو أكثر ط: أي فلا يجوز الحط بالأولى. قوله: (والوصي كالأخ يصالح) الوصي مبتدأ وجمل يصالح خبر وكالأخ حال والكاف فيه للتنظير، والصواب إسقاطه، لكن قال الرحمتي: أي في كونه لا يملك القود لا في أن الأخ يصالح لأنه لا ولاية له على التصرف في مال أخيه اه. وهو بعيد. قوله: (يصالح عن القتل فقط) أي ليس له العفو لما مر، ولا القود لأنه ليس له ولاية على نفسه، وهذا من قبيله. ابن كمال. وكان الأولى إسقاط قوله: عن القتل فإن له الصلح عن الطرف أيضا. نعم في صلحه عن القتل اختلاف الرواية.
والحاصل كما في غاية البيان عن البرذوي: أن الروايات اتفقت في أن الأب له استيفاء القصاص في النفس وما دونها، وأن له الصلح فيهما جميعا لا العفو، وفي أن الوصي لا يملك استيفاء النفس ويملك ما دونها، ويملك الصلح فيما دونها ولا يملك العفو.
واختلفت الروايات في صلح الوصي في النفس على مال. ففي الجامع الصغير هنا يصح، وفي كتاب الصلح لا يصح اه ملخصا. وذكر الرملي ترجيح الرواية الأولى. قوله: (استحسانا) وفي القياس لا يملكه، لان المقصود متحد وهو التشفي. هداية. قوله: (لأنه يسلك بها مسلك الأموال) ولهذا جوز أبو حنيفة القضاء بالنكول في الطرف. إتقاني. قوله: (والصبي كالمعتوه) أي إذا قتل قريب الصبي فلأبيه ووصيه ما يكون لأبي المعتوه ووصيه، فلأبيه القود والصلح لا العفو وللوصي الصلح فقط، وليس للأخ ونحوه شئ من ذلك، إذ لا ولاية له عليه كما قررناه في المعتوه. وفي الهندية عن المحيط: أجمعوا على أن القصاص إذا كان كله للصغير ليس للأخ الكبير ولاية الاستيفاء، ويأتي تمامه قريبا.
تتمة: أفتى الحانوتي بصحة صلح وصي الصغير على أقل من قدر الدية إذا كان القاتل منكرا ولم يقدر الوصي على إثبات القتل قياسا على المال، لما في العمادية من أن الوصي إذا صالح على حق الميت أو عن حق الصغير على رجل: فإن كان مقرا بالمال أو عليه بينة أو قضى عليه به لا يجوز الصلح على أقل من الحق، وإن لم يكن كذلك يجوز اه. قوله: (وللكبار القود الخ) أي إذا قتل رجل له ولي كبير وصغير كان للكبير أن يقتل قاتله عنده لأنه حق مشترك. وفي الأصل: إن كان الكبير أبا استوفى القود بالاجماع وإن كان أجنبيا بأن قتل عبد مشترك بين أجنبيين وصغير وكبير ليس له ذلك. وفي الكلام