تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٤٨
كتحريق الثوب من دقه وزلق الجمال وانقطاع الحبل الذي يشد به الحمل وغرق السفينة من مدها مضمون ولا يضمن به بني آدم وإن انكسر دن في الطريق ضمن الحمال قيمته
____________________
الحفظ التام كما في الوديعة إذا كانت بأجر وكما إذا هلك بفعله. ولأبي حنيفة أن القبض حصل بإذنه فلا يكون مضمونا عليه كالوديعة والعارية ولهذا لا يضمن فيما لا يمكن التحرز عنه كالموت والغصب ولو كان مضمونا عليه لما اختلف الحال، ولا نسلم أن المعقود عليه هو الحفظ بل العمل والحفظ تبعا بخلاف الوديعة بأجرة لأن الحفظ وجب مقصودا، وبخلاف ما إذا تلف بعمله لأن العقد يقتضي سلامة المعقود عليه وهو العمل فإذا لم يكن سليما ضمن، وقد روي عن عمر وعلي أنهما كانا لا يضمنان الأجير المشترك وهو قول إبراهيم النخعي فيتعارض عنهما الرواية فلا تلزم حجة. وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان ورد بأن الاختلاف موجود بين الصحابة وبين أئمتنا رضي الله عنهم، ومبنى الاختلاف أن عندهما الحفظ معقود عليه وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به يكون واجبا لوجوبه فيكون العقد واردا عليه، وعنده لا يكون واردا عليه، وقد تقدم أن بقولهما يفتى في هذا الزمان لتغير أحوال الناس، وإن شرط الضمان على الأجير، فإن كان فيما لا يمكن التحرز عنه لا يجوز بالاجماع لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وإن كان قيما يمكن التحرز عنه يجوز عندهما خلافا للامام. وفي الدراية:
أخذ الفقيه أبو الليث في الأجير المشترك بقول الإمام وبه أفتى. وفي المزارعة والمعاملة الفتوى على قولهما لمكان الضرورة. وفي السراجية: وأفتى بعضهم بالصلح على نصف القيمة فيما هلك في يد الأجير المشترك فيما يمكن الاحتراز عنه في عمله، وقيد بالهلاك ليحترز عن الخطأ قال في المحيط: دفع إلى قصار ثوبا ليقصره فجاء ليطلب ثوبه فدفع إليه القصار ثوبا ظانا أنه له فهو ضامن له وكل من أخذ شيئا على أنه له ولم يكن له فهو ضامن، ولو كان صاحب الثوب أرسل رجلا ليأخذ ثوبه فلا ضمان على الرسول وإن أخذ الرسول الثوب بغيبة القصار فرب الثوب بالخيار إن شاء ضمن القصار أو الرسول وأيهما ضمن لم يرجع على الآخر اه‍. وفي المضمرات: وإذا ضمن عندهما إن كان الهلاك قبل العمل ضمن قيمته غير معمول ولا أجر عليه، وإن كان بعد العمل فرب الثوب إن شاء ضمنه قيمته غير معمول ولا أجر عليه، وإن شاء أعطاه قيمته معمولا ويعطيه أجرته. قال في شرح الطحاوي: معناه يحط عنه قدر الأجرة، ولو ادعى الرد على صاحبه وصاحبه ينكر القول قول الأجير عند الامام ولكن لا يصدق في دعوى الاجر، وعندهما القول قول صاحب الثوب.
قال رحمه الله: (وما تلف من عمله كتخريق الثوب من دقه وزلق الجمال انقطاع الحبل الذي يشد به الحمل وغرق السفينة من مدها مضمون) هذا جوا ب المسائل كلها. وقال الإمام الشافعي وزفر: لا يضمن لأنه مأذون فيه فصار كالمعين للدقاق والامر المطلق ينتظم العمل بنوعيه المعيب والسليم ولا يمكن التحرز عن الدق المعيب. ولنا أن التلف حصل بفعل غير
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 51 52 54 56 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480