____________________
قال رحمه الله: (وملك بلا حل انتفاع قبل أداء الضمان بطحن وطبخ وشي وزرع واتخاذ سيف أو إناء لغير الحجرين) لأنه لو لم يملكه بذلك لحقه ضرر وكان ظلما والظالم لا يظلم بل ينصف. ثم الضابط فيه أنه متى تغيرت العين المغصوبة بفعل حتى زال اسمها وعظم منافعها واختلطت بملك الغاصب حتى لا يمكن تميزها أصلا زال ملك المغصوب منه وملكها الغاصب وضمنها ولا يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها. قال في العناية وغيرها: وقوله بطحن إلى آخره يعني بفعل الغاصب احترازا عما إذا تغير بغير فعله مثل إن صار العنب زبيبا بنفسه أو خلا أو الرطب تمرا فإن الغاصب لا يملكه والمالك فيه بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه وضمنه مثله. وقوله زال اسمها يحترز عما إذا لم يزل اسمها كما لو ذبح الشاة فإنه يقال شاة حية وشاة مذبوحة. وقوله عظم منافعها تأكيد يتناول الحنطة إذا طحنها فإنه يزول بالطحن عظم منافعها كجعلها هريسة وكشكا ونشاء وغير ذلك. قال صاحب العناية: وقوله وعظم منافعها تأكيد لقوله زال اسمها والظاهر أنه تأسيس لا تأكيد لأنه احتراز عما إذا غصب شاة وذبحها فإنه لا يزول بالذبح ملك مالكها كما سيأتي مصرحا به، وما ذكره من الطحن وما بعده يحصل به ما ذكرنا في الضابط فيملكها الغاصب إلا الذهب والفضة فإنه لا يملكه باتخاذهما أواني أو دراهم أو دنانير عند الامام لأنها بهذا الفعل لا يزول التمييز. وقال الإمام الشافعي: لا ينقطع حق المالك بما ذكر وهي رواية عن أبي يوسف غير أنه إذا أختار أخذ العين لا يضمن النقصان في الربويات لأن الملك نعمة فلا يحصل بالحرام وهو الغصب وصار كما وقعت الحنطة في الطاحونة وانطحنت بفعل الماء أو الهواء من غير صنع أحد. ولنا أنه لما ستهلك العين من وجه بالاستحالة حتى صار له اسم آخر وقد أحدث فيه الصنعة وهي حق الغاصب وهي قائمة من كل وجه فترجحت لذلك والمحظور لغيره لا يمتنع أن يكون سببا لحكم شرعي ألا ترى أن الصلاة في الأرض المغصوبة لا تجوز وتكون سببا لحصول الثواب الجزيل فما ظنك بالملك غير أنه لا يجوز له الانتفاع بها قبل الأداء لا ينفتح باب الغصب، ولقوله عليه الصلاة والسلام في الشاة المذبوحة بغير إذن مالكها أطعموها الأسارى ولو لم يملكه لما قال ذلك. والقياس أنه يجوز الانتفاع به وهو قول الحسن وزفر ورواية عن أبي حنيفة، ولهذا ينفذ تصرفه فيها كالتمليك للغير. ووجه الاستحسان ما ذكرناه ونفاذ تصرفه لوجود الملك ألا ترى أن المشتري شراء فاسدا ينفذ تصرفه فيه مع أنه لا يحل له الانتفاع به. فإذا دفع المثل أو القيمة إليه وأخذه بحكم الحاكم أو تراضيا على مقدار حل الانتفاع به لوجود الرضا من المغصوب منه لأن الحاكم لا يحكم إلا بطلبه فحصلت المبادلة بالتراضي. وقال أبو يوسف في الحنطة المزروعة والنواة المزروعة يجوز الانتفاع بها قبل أداء الضمان لوجود الاستهلاك من كل وجه. وقيد بقوله واتخاذ سيف ليفيد أنه بعده صار يباع