البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٦٨
معه قبل ذلك، وروي أن عثمان رضي الله عنه ما كان يحكم حتى يحضر أربعة من الصحابة.
ويستحب أن يحضر مجلسه جماعة من الفقهاء ويشاورهم، وكان أبو بكر يحضر عمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم حتى قال أحمد: يحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب ويشاورهم فيما يشكل عليه. وفي المبسوط: وإن دخله حصر في قعودهم عنده أو شغله عن شئ من أمور المسلمين جلس وحده فإن طباع الناس تختلف فمنهم من يمنعه من حشمة الفقهاء عن فضل القضاء، ومنهم من يزداد قوة على ذلك، فإن كان ممن يدخله حصر جلس وحده.
وفي المبسوط ما حاصله أن ينبغي للقاضي أن يعتذر للمقضي عليه ويبين له وجه قضائه ويبين له أنه فهم حجته ولكن الحكم في الشرع كذا يقتضي القضاء عليه فلم يمكن غيره ليكون ذلك أدفع لشكايته للناس ونسبته إلى أنه جار عليه، ومن يسمع يخل فربما تفسد العامة عرضه وهو برئ. وإذا أمكن إقامة الحق مع عدم إيفاء الصدور كان أولى، كذا في فتح القدير. وفي التتارخانية قال مشايخنا: ينبغي للقاضي إذا أراد الحكم أن يقول للخصمين أحكم بينكما وهذا على وجه الاحتياط حتى إنه إذا كان في التقليد خلل يصير حكما بتحكيمهما. وفي البزازية: قضى القاضي بحق ثم أمره أن يسأل القضية ثانيا بمحضر من العلماء لا يفرض ذلك على القاضي اه‍. وفيها: وإن رأي أن يقعد معه أهل الفقه قعدوا ولا يشاورهم عند الخصوم اه‍. فعلى هذا إذا كانت عنده الفقهاء ووقعت الحادثة يخرج الخصوم أو يبعدهم ثم يشاور الفقهاء ولا يسلم عليه إلا إذا كان الداخل الشاهد فله أن يسلم كما في الخانية، ويصلي ركعتين تحية المسجد ويسند ظهره إلى المحراب والناس بين يدين يقفون مستقبلي القلة، فإن اعتراه هم أو غضب أو جوع أو حاجة حيوانية كف عنه حتى يزول، ولا يتعب نفسه في طول الجلوس ولا يقضي وهو يدافع أحد الأخبثين، وإن كان شابا قضى وطره من أهله ثم جلس للقضاء. ولا يسمع من رجل حجتين أو أكثر في مجلس إلا أن يكون الناس قليلا، ولا يقدم رجلا جاء غيره قبله، ولا يضرب في المسجد حدا ولا تعزيرا، كذا في البزازية. والحاصل لا يقضي حال شغل قلبه ولو بفرح أو برد شديد أو حر شديد وأصله لا يقضي القاضي وهو غضبان معلول به. ولا ينبغي أن يتطوع بالصوم في اليوم الذي يريد الجلوس فيه، كذا في فتح القدير. وفي الظهيرية: ويخرج في أحسن ثيابه وأعدل أحواله،
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست