يحك غيره فما قاله النسفي ليس بضابط فضلا عن كونه أضبط وكونها لا يعملها إلا لأجل القاضي ليس يخفي، وبعضه يعلم بالتصريح وبعضه يعلم بالقرائن كالصريح.
قوله: (ويشهد الجنازة ويعود المريض) لأن هذا من حق المسلم على المسلم ففي الحديث للمسلم على المسلم ست حقوق: إذا دعاه يجيبه، وإذا مرض يعوده، وإذا مات يحضره، وإذا لقيه يسلم عليه، وإذا استنصحه ينصحه، وإذا عطس يشمته كذا في النهاية وهو لا يسقط بالقضاء لكن لا يطيل مكثه في ذلك المكان وإنما يعوده بشرط أن لا خصومة له وإلا فلا قوله: (وليسو بينهما جلوسا) أي يجب على القاضي التسوية بين الخصمين في الجلوس للحديث إذا ابتلى أحدكم بالقضاء فليسو بينهم في المجلس والنظر والإشارة ولا يرفع صوته على أحد الخصمين دون الآخر رواه إسحاق بن راهويه. وبمثله رواه الدارقطني. ولان في عدم التسوية مكسرة لقلب الآخر فيجلسهما بين يديه ولا يجلس واحدا عن يمينه والآخر عن يساره لأن لليمين فضلا. أطلق في التسوية بينهما فشمل الشريف والوضيع والأب والابن والصغير والكبير والحر والعبد والسلطان وغيره ولذا قال في النوازل والفتاوي الكبرى:
خاصم السلطان مع رجل فجلس السلطان مع القاضي في مجلسه ينبغي للقاضي أن يقوم من مقامه ويجلس خصم السلطان فيه ويقعد هو على الأرض ثم يقضي بينهما اه. وهذا دليل على أن القاضي يقضي على السلطان الذي ولاه والدليل عليه قصه شريح مع علي رضي الله عنه.
وشمل المسلم والذمي فيسوي بينهما كما في فتاوي قارئ الهداية. وقيد بالجلوس لأنه لا يجب عليه التسوية بينهما بالقلب وإن كان أفضل فقد حكى في الولوالجية أن أبا يوسف وقت موته قال: اللهم إنك تعلم أني لم أمل إلى أحد الخصمين حتى بالقلب إلا في خصومة نصراني مع الرشيد لم أسو بينهما وقضيت على الرشيد ثم بكى. ومما حكي عن أبي يوسف أن خادما من أكبر خدام الخليفة جاء مع خصمه للدعوة فترافع على خصمه فأمره أبو يوسف بالمساواة فلم يمتثل فقال القفا يا غلام ائتني بعمر والنخاس يبيع هذا الخادم وأرسل ثمنه إلى أمير المؤمنين فاستوى وانقضت الدعوى فذهب الخادم إلى الخليفة وقص عليه ما جرى وبكى بكاء شديدا فقال له: لو باعك لاجزت بيعه ولم أردك إلى ملكي رحمه الله تعالى. وينبغي الخصمين أن يجثوا بين يديه ولا يتربعان ولا يقعيان ولا يجتبيان ولو فعلا ذلك منعهما القاضي تعظيما