عنده الخليفة مع آخر والواحد لا يقبل قوله. والحاصل أن المسألة على وجوه خمسة: الأول أن يقر بأنه سلمها إليه ومع ذلك يقربها لغيره فإذا بدأ ذو اليد بالاقرار للغير ثم بتسليم القاضي فأقر القاضي بأنها لآخر وحكمه أن تسلم العين للمقر له الأول ويضمن المقر قيمته إن كان قيميا أو مثله إن مثليا للقاضي بإقراره الثاني فيسلمها لمن أقر له القاضي. الثاني أن ينكر التسليم وحكمه أن لا يقبل قول المعزول. الثالث أن يقر بأن المعزول سلمه إليه ثم يقر به للغير عكس الأول وحكمه عدم قبول الثاني. الرابع أن يبدأ بالاقرار بتسليم القاضي ثم يقول لا أدري لمن هو وحكمه قبول قول القاضي. الخامس أن يقر بأنه تسلمه من القاضي وصدق القاضي أنها لفلان فيقبل قولهما ويدفع إلى القاضي ليدفعه إلى فلان فلم يعمل بقوله في وجه وعمل به في الأربعة. وقوله ببينة شامل لما إذا شهدوا أنهم سمعوا القاضي قبل عزله يقول هذا المال لفلان اليتيم استودعته فلانا، وكذا إذا شهدوا لي بيعه مال اليتيم فإنه يقبل ويؤخذ المال لمن ذكره، وكذا لو مات الأول واستقضى غيره فشهد بذلك قوله: (ويقضي في المسجد أو داره) لأنه صلى الله عليه وسلم حكم بين المتلاعنين في المسجد وقال للمديون قم فاقضه بعد أمر الدائن بوضع الشطر وكانا في المسجد وقد ارتفعت أصواتهما وأمر بإقامة الحد وهو في المسجد. وقد لا عن عمر رضي الله عنه عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري. وأما كون المشرك يدخله للقضاء وهو نجس فلا يمنع لأن نجاسته نجاسة الاعتقاد على معنى التشبيه، وأما الحائض فتخبر بحالها ليخرج إليها القاضي أو يرسل نائبه كما إذا كانت الدعوى في دابة، وكذا السلطان يجلس في المسجد للحكم. أطلق المسجد فشمل غير الجامع لكنه أولى لأنه أشهر، ثم الذي تقام فيه الجماعات وإن لم تصل فيه الجمعة. قال فخر الاسلام: هذا إذا كان الجامع في وسط البلد، أما إذا كان في طرف منها فلا لزيادة المشقة فالأولى أن يختار مسجدا في وسط البلد وفي السوق. ويجوز أن يحكم في بيته وحيث كان إلا أن الأولى ما ذكرناه.
ويأذن للناس على العموم ولا يمنع أحدا لأن لكل أحد حقا في مجلسه، والأولى أن يكون بيته في وسط البلد لما ذكرناه. والحاصل أنه يجلس له في أشهر الأماكن ومجامع الناس وليس فيه حاجب ولا بواب وهو الأفضل، ولا يحكم وهو ماش ولا راكب ولا بأس بالقعود على الطريق إذا كان لا يضيق على المارة ولا بأس بالحكم وهو متكئ. والقضاء وهو مستو أفضل تعظيما لأمر القضاء، ولا يجلس وحده لأنه يورث التهمة فينبغي أن يجالسه من كان يجلس