إذا حل بالقاضي انعزل: فوات السمع أو البصر أو العقل أو الدين. وإذا عزل السلطان القاضي لا ينعزل ما لم يصل إليه الخبر كالوكيل. وعن الثاني أنه لا ينعزل ما لم يأت قاض آخر صيانة للمسلمين عن تعطيل قضاياهم.
وهذا إذا لم يعلق عزله بشرط كوصول الكتاب ونحوه وإن معلقا لا ينعزل ما لم يصل إليه الكتاب وإن وصل إليه الخبر. وإذا مات القاضي انعزل خلفاؤه، وإذا عزل القاضي فالفتوى على أن النائب لا ينعزل بعزله لأنه نائب السلطان أو العامة، وبعزل نائب القاضي لا ينعزل القاضي ولا ينعزل بموت الخليفة، كذا في البزازية. وفيها: القاضي إذا عزل نفسه وبلغ السلطان عزله ينعزل، وكذا إذا كتب به إلى السلطان وبلغ الكتاب إلى السلطان، وقيل لا ينعزل بعزل نفسه لأنه نائب عن العامة فلا يملك إبطال حقهم ا ه. وينبغي أن الخصم لو علم بعزله ولم يعلم القاضي أنه لا ينفذ حكمه لعلمه أنه غير حاكم باطنا ولم أره، وكذا لم أر ما إذا بلغ النائب عزل قاضي القضاة، وينبغي أن لا ينعزل حتى يعمل أصله، وكذا لم أر حكم ما إذا بلغ الأصل دون النواب ولم يعلمهم فحكموا، وينبغي أن يصح حكمهم وأن يستحق الأصل ما عين له على القضاء من بيت المال لمباشرة نوابه. وفي البدائع أن القاضي يخرج عن القضاء بكل ما يخرج الوكيل إلا إذا مات الخليفة أو خلع فإنه لا تنعزل قضاته وولاته، وإذا مات الموكل انعزل وكيله ولا ينعزل بأخذ الرشوة والفسق عندنا ا ه. وفي البزازية: قلد السلطان رجلا قضاء بلدة ثم بعد أيام قلد القضاء آخر ولم يتعرض لعزل الأول الأظهر والأشبه أنه لا ينعزل ا ه. وفي الولوالجية: إذا ارتد القاضي أو فسق ثم صلح فهو على حاله لأن المرتد أمره موقوف ولان الارتداد فسق وبنفس الفسق لا ينعزل إلا أن ما قضى في حالة الردة باطل بخلاف الحكم إذا ارتد فإنه يخرج، والفرق مذكور فيها، وما قدمناه عن البزازية من أنه ينعزل بفوات الدين يخالفه إلا أن يقال بالردة ينعزل عن نفاذ قضائه جمعا بينهما. وفي الواقعات الحسامية: الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة فإن الكفر لا ينافي ابتداء القضاء في إحدى الروايتين حتى لو قلد الكافر ثم أسلم هل يحتاج إلى تقليد آخر فيه روايتان ا ه. وبه علمت أن ما في الخلاصة على خلاف المفتى به، وعلمت أن تقليد الكافر صحيح وإن لم يصح قضاؤه على المسلم حال كفره. وفي الخزانة: إذا عمي القاضي ثم أبصر فهو على قضائه ا ه. التاسع في آدابه وستأتي. العاشر في محاسنه منها إنصاف المظلوم من الظالم، وتخليص الحقوق إلى أهلها، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من أعظم العبادات وبه أمر كل نبي قال الله تعالى * (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون) * [المائدة: 44] وقال تعالى * (وإن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم) * [المائدة: 94] والحاكم نائب عن الله تعالى في أرضه ولولاه لفسد العباد والبلاد ومع ذلك فله مساو مذكورة في شرح أدب القضاء للخصاف للصدر الشهيد.