قوله: (وكفالته بالدرك تسليم) لأن الكفالة لو كانت مشروطة في البيع فتمامه بقبوله، ثم بالدعوى يسعى في نقض ما تم من جهته وإن لم تكن مشروطة فيه فالمراد بها أحكام البيع وترغيب المشتري فيه إذ لا يرغب فيه دون الكفالة فنزل منزلة الاقرار بملك البائع. والمراد بكونها تسليما أنها تصديق من الكفيل بأن الدار ملك البائع حتى لو ادعى الكفيل الدار لنفسه على المشتري لم تسمع دعواه لأنها لو صحت لرجع المشتري عليه بحكم الكفالة فلا يفيد، كذا في النهاية. وشمل ما إذا كان الكفيل شفيعها فلا شفعة له فلا تسمع دعواه بالملك فيها وبالشفعة وبالإجارة، وقدمنا أن ضمان الدرك هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع. والدرك في اللغة التبعة يحرك ويسكن. وفي الحادي عشر من بيوع الخلاصة: من سعى في نقض ما تم من جهته لم يعتبر إلا في موضعين: أحدهما رجل اشترى عبدا وقبضه ونقد الثمن ثم ادعى أن البائع باعه قبل ذلك من فلان الغائب بكذا قبلت بينته. والثاني إذا وهب جاريته من إنسان فاستولدها الموهوب له ثم أقام الواهب بينة أنه كان دبرها أو استولدها قبلت بينته ويرجع على الموهوب له بالجارية والعقر اه. والحصر المذكور ليس بصحيح لأنه يرد عليه ما ذكره قاضيخان من البيوع: لو ادعى المشتري أن المبيع حر تسمع دعواه، وما لو باع أرضا ثم ادعى أنه كان وقفها وأنها وقف فإن بينته مقبولة على المختار كما ذكره الولوالجي، لكن لا تسمع دعواه للتناقض مع أنه ساع في نقض ما تم من جهته قوله: (وشهادته وختمه لا) أي لا يكون إقرارا بملك البائع والشاهد على دعواه لأن الشهادة لا تكون مشروطة في البيع ولا يكون إقرارا بالملك لأن البيع مرة يوجد من المالك وتارة من غيره، ولعله كتب الشهادة ليحفظ الحادثة بخلاف ما تقدم. قالوا: إذا كتب في الصك باع وهو يملكه أو بيعا باتا نافذا وكتب شهد بذلك كان تسليما إلا إذا كتب الشهادة على إقرار المتعاقدين، وكذا لو شهد عند الحاكم بالبيع وقضى بشهادته أو لم يقض كان تسليما. والتقييد بالختم لبيان أن مجرد الكتابة بلا ختم لا يكون تسليما بالأولى، وإنما ذكروه بناء على عادتهم فإنهم كانوا يختمونه بعد كتابة أسمائهم على الصك خوفا من التغيير والتزوير والحكم لا يختلف. وفي فتح القدير: الختم أمر كان في زمانهم إذا كتب اسمه في الصك جعل اسمه تحت رصاص مكتوبا ووضع نقش خاتمه كيلا يتطرقه التبديل وليس هذا في زماننا. اعلم أن قولهم هنا أن الشهادة لا تكون
(٣٩٩)