قوله: (فإن غاب ولم يعلم مكانه لا يطالب به) لأنه عاجز ولا بد من ثبوت أنه غائب لم يعلم مكانه، إما بتصديق الطالب وعليه اقتصر الشارح، أو ببينة أقامها الكفيل لما في القنية عن علي السغدي: إذا غاب المكفول عنه فللدائن أن يلازم الكفيل حتى يحضره، والحيلة في دفعه أن يدعي الكفيل عليه أن خصمك غائب غيبة لا تدري فبين لي موضعه فإن أقام بينة على ذلك تندفع عنه الخصومة اه. وفي ملازمة الطالب الكفيل عند عجزه عن إحضار الأصيل اختلاف ذكر السرخسي أنه يلازمه، وذكر شيخ الاسلام إنه لا يلازمه، كذا في التتارخانية. فإن اختلفا ولا بينة فقال الكفيل لا أعرف مكانه وقال الطالب تعرفه، فإن كان له خرجة معلومة للتجارة في كل وقت فالقول للطالب ويؤمر الكفيل بالذهاب إلى ذلك الموضع وإلا فالقول للكفيل لتمسكه بالأصل وهو الجهل. وقوله لا يطالب به مقيد بما إذا لم يبرهن الطالب على أنه بموضع كذا، فإن برهن أمر الكفيل بالذهاب إليه وإحضاره لأنه علم مكانه، ولو علم أنه ولحق بدار الحرب يؤجل الكفيل مدة ذهابه وإيابه ولا تبطل باللحاق بدار الحرب لأنه وإن كان موتا حكما لكن بالنسبة إلى ماله وإلا فهو حي مطالب بالتوبة والرجوع، هكذا أطلقه في النهاية. وقيده في الذخيرة بما إذا كان الكفيل قادرا على رده بأن كان بيننا وبينهم مواعدة أنهم يردون إلينا المرتد وإلا لا يؤاخذ به اه. وهو تقييد لا بد منه ثم في كل موضع قلنا: إنه يؤمر بالذهاب إليه للطالب أن يستوثق بكفيل من الكفيل حتى لا يغيب الآخر. وفي الخانية: الكفيل بالنفس إذا منع المكفول به عن السفر إن كانت الكفالة حالة كان له أن يمنعه حتى يخرجه عند عهدة الكفالة، وإن كانت الكفالة مؤجلة ليس له أن يمنعه من الخروج قبل حلول الأجل اه. ظاهره أن للكفيل ملازمة الأصيل إذا كانت حالة وإن لم يلازمه الطالب قوله: (فإن سلمه بحيث يقدر المكفول له أن يخاصمه كمصر برئ) لأنه أتى بما التزمه إذ لم يلتزم تسليمه إلا مرة واحدة وحصل مقصود الطالب فلم تبق الكفالة كما لو تكفل بمال فقضاه. أطلقه فشمل ما إذا كان للتسليم وقت فسلمه قبله أو لا لأن الاجل حق الكفيل فلإسقاطه كالدين المؤجل إذا قضاه المديون قبل الحلول والتسليم بالتخلية بينه وبين الخصم وذلك برفع الموانع فيقول له هذا خصمك فخذه إن شئت، فإن سلمه بعد طلبه برئ مطلقا وإلا فلا يبرأ حتى يقول سلمته إليك بجهة الكفالة. وفي القنية: كان المكفول له جالسا مع قوم في مدرسة فجاء الكفيل بالمكفول عنه وقال له هو المكفول عنه فلم يجلس بل مر وخرج إلى باب آخر فهذا القدر تسليم منه اه. قيد بقوله بحيث يقدر للاحتراز عما إذا
(٣٥٢)