البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٤٩
* (ولمن جاء به حمل بعير وأنابه زعيم) * إن ذلك كفالة وليس منها في شئ لأن القائل مستأجر لمن جاء به وهو الذي يلزمه ضمان الأجرة التي عقد عليها لمن جاء به وليس ضمانا عن أحد، وجوابه يحمل على أنه كان رسولا من جهة الملك والرسول سفير فلا تجب الأحكام عليه كأن يقول إن الملك قال لمن جاء به حمل بعير ثم يقول من جهته وأنا بذلك الحمل على الملك كفيل. وذكر الفخر الرازي بعد ما قرر أنها دليل الكفالة إلا أن هذه كفالة لرد مال السرقة وهو كفالة ما لم يجب لأنه لا يحل للسارق أن يأخذ شيئا على رد السرقة ولعل مثل هذه الكفالة كانت تصح عندهم اه‍. وذكر القاضي أن في هذه الآية دليلا على جواز الجعالة وضمان الجعل قبل تمام العمل اه‍. وفي الدر المنثور للأسيوطي عن مجاهد في قوله وأنابه زعيم قال: الزعيم هو المؤذن الذي قال أيتها العير اه‍.
قوله: (وقبيل به) أي بفلان لأن القبيل هو الكفيل ولذا سمي الصك قبالة لأنه يحفظ الحق فمعناه القابل للضمان. وفي الصحاح: القبيل الكفيل والعريف وقد قبل به يقبل به قبالة ونحن في قبالته أي في عرافته، والقبيل الجماعة تكون من الثلاثة فصاعدا من قوم شتى مثل الروم والزنج والعرب والجمع قبل اه‍. وفي التتارخانية: أنا قبيل لك بنفس فلان كان كفيلا كما لو قال على أن آتيك به سواء قوله: (لا بأنا ضامن لمعرفته) أي لا تصح بهذا القول. وقال أبو يوسف: يصير ضامنا للعرف لأنهم يريدون به الكفالة. وجه ما في الكتاب أنه التزم معرفته دون المطالبة فصار كالتزامه دلالة عليه أو قال أوقفك عليه. وقال الفقيه أبو الليث: هذا القول عن أبي يوسف غير مشهور والظاهر ما عنهما. وفي خزانة الواقعات: وبه يفتى أي بظاهر الرواية، كذا في فتح القدير. وفي الخلاصة: وعليه الفتوى. قيد بالمعرفة لأنه لو قال أنا ضامن لتعريفه أو على تعريفه ففيه اختلاف المشايخ، والوجه اللزوم لأنه مصدر متعد إلى اثنين فقد التزم أن يعرفه الغريم بخلاف معرفته فإنه لا يقتضي إلا معرفة الكفيل للمطلوب، كذا في فتح القدير. ولو قال أنا ضامن لوجهه فإنه يؤخذ به لأن الوجه يعبر به عن الجملة فكأنه قال أنا ضامن له، كذا في السراج الوهاج. وأشار إلى أنه لو قال أنا أعرفه لا يكون كفيلا كما في السراج. وفي الخانية: لو قال أنا كفيل لمعرفة فلان لا يكون كفيلا ولو قال معرفة فلان علي قالوا يلزمه أن يدل عليه اه‍. وفي التتارخانية: ألفاظ الكفالة كل ما ينبئ عن العهدة في العرف والعادة ثم قال: لو كفل بنفس رجل وسلمه إليه وبرئ، ثم إن الطالب لزم
(٣٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»
الفهرست