البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٥٠
المطلوب فقال له الكفيل دعه وأنا على كفالتي أو على مثل كفالتي لا شك أنه كفالة مبتدأة.
ولم يذكر المصنف الكفالة المقيدة بالوقت. قال في الخانية: رجل كفل بنفس رجل إلى ثلاثة أيام ذكر في الأصل أنه يصير كفيلا بعد الأيام الثلاثة وجعله بمنزلة ما لو قال لامرأته أنت طالق إلى ثلاثة أيام فإن الطلاق يقع بعد ثلاثة أيام، وكذا لو باع عبدا بألف إلى ثلاثة إيام يصير مطالبا بالثمن بعد الأيام الثلاثة. وعن أبي يوسف يصير كفيلا في الحال، وقال في الطلاق يقع الطلاق في الحال أيضا. وقال الفقيه أبو جعفر: يصير كفيلا في الحال. قال:
وذكر الأيام الثلاثة لتأخير المطالبة إلى ثلاثة أيام لا لتأخير الكفالة ألا ترى أنه لو سلم المكفول به قبل الأيام الثلاثة بجبر الطالب على القبول كتعجيل الدين المؤجل. وما ذكر في الأصل أراد به أن يكون كفيلا مطالبا بعد الثلاثة وغيره أخذ بظاهر الكتاب وقالوا: لا يصير كفيلا للحال فإذا مضت قبل تسليم النفس كان كفيلا أبدا إلى أن يسلم، فإذا قال أنا كفيل بنفس فلان من اليوم إلى عشرة أيام صار كفيلا في الحال، فإذا مضت العشرة خرج عنها. ولو قال أنا كفيل بنفسه إلى عشرة أيام فإذا مضت العشرة فإني برئ قال ابن الفضل: لا مطالبة عليه بها لا فيها ولا بعدها، وذكر في الأصل كفلت بنفس فلان شهرا كان كفيلا أبدا كقوله أنت طالق شهرا، ولو قال علي نفسه إلى شهر عن محمد أنه قال لا سبيل عليه حتى يمضي شهر، ولو قال نفسه علي إلى شهر فإذا مضى شهر فأنا برئ منه قال: هذا لم يضمن شيئا اه‍. وفي التتارخانية: إذا كفل إلى ثلاثة أيام كان كفيلا بعد الثلاثة ولا يطالب في الحال في ظاهر الرواية. وفي السراج: وهو الأصح. وفي الصغرى: وبه يفتى. وفي البزازية: كفل بنفسه إلى شهر على أنه برئ إذا مضى شهر قال الفقيه أبو الليث: الفتوى على أنه لا يصير كفيلا.
وفي الواقعات: الفتوى على أنه يصير كفيلا كفل إلى شهر طالبة بعد شهر ويبطل ما قاله البعض أنه كفيل في الحال مؤجلا إلى شهر، دل عليه ما ذكره عصام أنه لو قال أنت طالق إلى شهر يقع بعد الاجل إلا أن ينوي الوقوع في الحال دل على أنه لا يصير كفيلا في الحال وبه يفتى بخلاف أمر امرأتي بيدها إلى شهر حيث يصير الامر بيدها في الحال إلى شهر لأن الطلاق لا يحتمل التأقيت والامر يحتمله، وكذا الكفالة تحتمل التأقيت، ولا نعني بقوله إنه كفيل بعد شهر أنه ليس بكفيل للحال ألا ترى أن الكفيل لو سلم للحال يجب على الطالب القبول ولو لم يصر كفيلا إلا بعد الشهر لما أجبر في الحال لكن ذكر الشهر تأجيل للكفيل حتى لا يطالب للحال ويطالب بعد الاجل اه‍.
قوله: (وإن شرط تسليمه في وقت بعينه أحضره فيه إن طلبه) لأنه التزمه بالشرط في الكفالة فيجب عليه الوفاء به إن طلبه في ذلك الوقت أو بعده كالدين المؤجل إذا حل قوله:
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست