يسلمه إلى المكفول له متى طالبه به ثم سلمه إليه قبل أن يطالبه ولم يقبله يبرأ لأن حكم الكفالة وجوب التسليم وهو ثابت في الحال. وقوله على أن يسلمه إليه متى طالبه به يذكر للتأكيد لا للتعليق فقد سلمه إليه حال كونه كفيلا فيبرأ اه. وإنما ذكروا هذه المسألة أعني مسألة الكتاب مع ظهورها كما قاله الفقيه أبو الليث لدفع توهم أنه يلزم الكفيل تسليمه مرة بعد مرة إلى أن يستوفي حقه لأن الكفالة ما أريدت إلا للتوثق لاستيفاء الحق، فما لم يستوفه يجب عليه تسليمه إلى أن يستوفيه فأزال هذا الوهم ببيان أن عقد الكفالة يوجب التسليم مرة لا بقيد التكرار، كذا في فتح القدير.
قوله: (وبتسليم المطلوب نفسه من كفالته وبتسليم وكيل الكفيل ورسوله) أي يبرأ الكفيل بتسليم هؤلاء لأن المطلوب يطالب بتسليم نفسه فإذا سلم نفسه حصل المقصود فلا معنى لبقائها كالمحيل إذا قضى الدين بنفسه فإنه يصح قبل الطالب أو، وفعل نائب الكفيل كفعله. وقيد بقوله من كفالته لأنه لا يبرأ الكفيل حتى يقول المكفول سلمت نفسي إليك من الكفالة ولو أخر قوله من الكفالة لكان أولى لأن الوكيل والرسول كالمكفول لا بد من التسليم عنها وإلا لا يبرأ. وقيد بتسليم النفس لأن المديون لو دفع الدين إلى الكفيل قبل أن يوفي عنه ولم يقل إنه عن كفالتك كان قضاء لأنه الغالب وتستحق عليه فانصرف إليه كذا في القنية. وقيد بالوكيل والرسول لأنه لو سلمه أجنبي بغير أمر الكفيل وقال سلمت إليك عن الكفيل وقف على قبوله، فإن قبله الطالب برئ الكفيل، وإن سكت لا. وفي السراج الوهاج: ولو سلم المكفول بالنفس نفسه إلى المكفول له بجهة الكفالة فإنه يجبر على القبول حتى يبرأ الكفيل، وهذا إذا كانت الكفالة بالامر، أما إذا كانت بغير الامر لا يبرأ، كذا في الفوائد اه. ولم يظهر هذا التفصيل ثم ظهر لي أن المراد أمر المطلوب وأن الكفالة بالنفس على وجهين: إما أن تكون بأمر المطلوب أو بغير أمره لما في التتارخانية: ولو كفل بنفسه بغير أمره فلا مطالبة للكفيل عليه إلا أن يجده فيسلمه فيبرأ اه. فعلى هذا إذا ضمنه بغير أمره لا يأثم بعدم التمكين منه فله الهرب بخلاف ما إذا كان بأمره، وعلى هذا فما قدمناه من منعه من السفر إنما هو فيما إذا كانت بأمره، وزاد في الاصلاح على رسوله إليه. وقال في الايضاح:
وإنما قال إليه لأن رسوله إلى غيره كالأجنبي اه. وفي التتارخانية: يشترط التسليم عن الكفالة ولا يحتاج أن يقول عن كفالة فلان إنما يحتاج تعيينه إذا كان كفله لرجلين، ولو قال بعد قوله ورسوله وكفيله لكان أولى لأن كفيل الكفيل لو سلمه برئ كما في التتارخانية، فلو قال وبتسليم نائب الكفيل عنه لكان أحسن. قوله: (فإن قال إن لم أواف به غدا فهو ضامن لما