البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٤٦
مطالبة الكفيل بما على الأصيل فإن كان عليه دين طولب بكله الكفيل أن كان واحدا، وإن كانا اثنين طولب كل واحد بنصفه، وفي الكفالة بالنفس يطالب بإحضاره إن أمكن كما سيأتي. والكفيل بالعين يطالب بتسليمها حال قيامها وببدلها حال هلاكها وبالتسليم يطالب لها وبالفعل جميعا، وقدمنا أنه اشتراط الخيار فيها أكثر من ثلاثة فيما يصح تعليقه وما لا يصح قبيل الصرف. السابع في صفتها فهي عقد جائز به لازم، وسيأتي أن له الرجوع عنها في مسألة بايع فلانا فما بايعته فهو علي. الثامن في محاسنها ومساويها، فمحاسنها جليلة وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله والمطلوب الخائف على نفسه فقد كفاهما مؤنة ما أهمهما وهو نعمة كبيرة عليهما، ولذا كانت من الافعال العالية حتى أمتن الله بها حيث قال * (وكفلها زكريا) * [آل عمران: 73] في قراءة التشديد المتضمن للامتنان على مريم إذ جعل لها من يقوم بمصالحها ويقوم بها. ومساويها كما في المجتبى قال: الامتناع على التكفل أقرب إلى الاحتياط لأنه مكتوب في التوراة والزعامة أولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها غرامة اه‍. التاسع في أنواعها سيأتي أنها نوعان: كفالة بالنفس وكفالة بالمال. العاشر في دليلها قوله تعالى * (ولمن جاء به حمل بعير وإنابة زعيم) * [يوسف: 27] وقوله صلى الله عليه وسلم الزعيم غارم رواه أبو داود والترمذي. وفي الدر المنثور: الزعيم الكفيل وغارم من الغرم وهو أداء شئ لازم اه‍.
ويحتاج إلى معرفة أسامي أربعة: المكفول عنه وهو المديون، والمكفول له وهو الدائن، والكفيل وهو الملتزم، والمكفول به وهو الدين. ويقال للمكفول بنفسه مكفول به ولا يقال مكفول عنه، كذا في التتارخانية.
قوله: (وتصح بالنفس وإن تعددت) أي الكفالة بأن أخذ منه كفيلا ثم كفيلا ثم آخر وجاز رجوع الضمير إلى النفس بأن كفل واحد نفوسا كما يجوز بالديون الكثيرة لاطلاق قوله عليه الصلاة والسلام الزعيم غارم من غير فصل بين الكفالة بالمال والكفالة بالنفس. ولا يقال لا غرم في كفالة النفس لأنا نقول: الغرم لزوم ضرر عليه ومنه قوله تعالى * (أن عذابها
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست