البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٣٦
الآخر يعلم، فإن كانا لا يعلمان أو لا يعلم أحدهما أو يعلمان ولا يعلم كل أن الآخر يعلم فإن البيع يتعلق بالدراهم الرائجة في ذلك البلد لا بالمشار إليه من هذه الدراهم التي لا تروج، وإن كان يقبلها البعض ويردها البعض فهي في حكم الزيوف والنبهرجة فيتعلق البيع بجنسها لا بعينها كما هو في المرابحة، لكن يشترط أن يعلم البائع خاصة ذلك من أمرها لأنه رضي بذلك وأدرج نفسه في البعض الذين يقبلونها. وإن كان البائع لا يعلم تعلق العقد على الأروج، فإن استوت في الرواج جرى التفصيل الذي أسلفناه في أول كتاب البيع، كذا في فتح القدير قوله: (والمتساوي كغالب الفضة في التبايع والاستقراض وفي الصرف كغالب الغش) يعني فلا يجوز البيع بها ولا إقراضها إلا بالوزن بمنزلة الدراهم الرديئة لأن الفضة موجودة فيها حقيقة ولم تصر مغلوبة فيجب الاعتبار بالوزن شرعا. وإذا أشار إليها في المبايعة كان بيانا لقدرها ووصفها، ولا يبطل البيع بهلاكها قبل القبض ويعطيه مثلها لكونها ثمنا لم تتعين، وأما في الصرف فيجب بيعها بجنسها على وجه الاعتبار. ولو باعها بالفضة الخالصة لم يجز حتى يكون الخالص أكثر مما فيه الفضة لأنه لا غلبة لأحدهما على الآخر فيجب اعتبارهما.
وفي الخانية: إن كان نصفها صفرا ونصفها فضة لا يجوز التفاضل. فظاهره أنه أراد به فيما إذا بيعت بجنسها وهو مخالف لما ذكر هنا، ووجهه أن فضتها لما لم تصر مغلوبة جعلت كان كلها فضة في حق الصرف احتياطا قوله: (ولو اشترى بها أو بفلوس نافقة شيئا وكسدت بطل البيع) أي اشترى بالدراهم التي غلب عليها الغش أو بالفلوس وكان كل منهما نافقا حتى جاز البيع لقيام الاصطلاح على الثمنية، ولعدم الحاجة إلى الإشارة لالتحاقها بالثمن ولم يسلمها المشتري إلى البائع ثم كسدت بطل البيع. والانقطاع عن أيدي الناس كالكساد وحكم الدراهم كذلك، فإن اشترى بالدراهم ثم كسدت أو انقطعت بطل البيع، ويجب على المشتري رد المبيع إن كان قائما، ومثله إن كان هالكا وكان مثليا وإلا فقيمته، وإن لم يكن مقبوضا فلا حكم لهذا البيع أصلا، وهذا عند الإمام. وقالا: لا يبطل البيع لأن المتعذر إنما هو التسليم بعد الكساد وذلك لا يوجب الفساد لاحتمال الزوال بالرواج كما لو اشترى شيئا بالرطب ثم انقطع وإذا لم يبطل وتعذر تسليمه وجبت قيمته لكن عند أبي يوسف يوم البيع، وعند محمد يوم الكساد وهو آخر ما يتعامل الناس بها. وفي الذخيرة: الفتوى على قول أبو يوسف. وفي
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست