بها ثوبا فسد البيع في الثوب) أي في أحد بدلي الصرف لأن كلا منهما ثمن فلا تجوز هبته ولا صدقته ولا بيع شئ به، وقدمنا أنه إن وهب أو تصدق به أو أبرأه فإن قبل الآخر انفسخ الصرف لتعذر وجود القبض وإلا فلا. وأما البيع فصورته كما ذكره المصنف باع دينارا بعشرة دراهم ولم يقبضها حتى اشترى بها ثوبا أو مكيلا أو موزونا فالبيع في الثوب فاسد لأن قبض العشرة مستحق حقا لله تعالى فلا يسقط بإسقاط المتعاقدين فلم يجز بيع الثوب والصرف على حاله يقبض بدله من عاقده معه. وأورد عليه أن فساد الصرف حينئذ حق الله تعالى وصحة بيع الثوب حق العبد فتعارضا فيقدم حق العبد لتفضل الله بذلك. وأجيب بأن ذلك بعد ثبوت الحقين ولم يثبت حق العبد بعد لأنه يفوت حق الله بعد تحققه فيمتنع لا أنه يرتفع، وقد نقل عن زفر صحة بيع الثوب لأن الثمن في بيعه لم يتعين كونه بدل الصرف لأن العقد لا يتعين فإضافة العقد إلى بدل الصرف كعدم إضافته فيجوز شراء ثوب بدراهم لم يصفها.
وجوابه أن قبض بدل الصرف واجب والاستبدال يفوته فكان شرط إيفاء ثمن الثوب من بدل الصرف شرطا فاسدا فيمتنع الجواز وقد رجحه في فتح القدير. ثم اعلم أنهم قرروا هنا كما في المعراج أن البدلين في باب الصرف كل منهما ثمن قبل العقد وحالته فلا يشترط وجودها في ملك المتصارفين ولا يتعينان بالإشارة، ومثمن من وجه بعد العقد ضرورة أن العقد لا بد له من مثمن فلا يجوز الاستبدال بأحدهما قبل القبض لكونه بيع المبيع قبل قبضه إلى آخره، وبه اندفع ترجيح ابن الهمام قول زفر كما لا يخفى. وفي الذخيرة: إذا اشترى الرجل ألف درهم بعينها بمائة دينار والدراهم بيض فأعطاه مكانها سودا ورضي بها البائع جاز ذلك لأن هذا ليس باستبدال والسود والبيض من الدراهم جنس واحد، وإنما أبرأه عن صفة الجودة حين تجوز بالسود فكان مستوفيا بهذه الطريق لا مستبدلا. قال شمس الأئمة السرخسي: ومراده من السود الدراهم المضروبة من النقود السود لا الدراهم البخارية لأن أخذ البخارية مكان الدراهم البيض لا يجوز لأنه يكون استبدالا لاختلاف الجنس. وكذلك لو قبض مشتري الدراهم الدراهم فأراد أن يعطي ضربا آخر من الدنانير سوى ما شرط لا يجوز إلا برضا صاحبه وإذا رضي به صاحبه كان مستوفيا لا مستبدلا لكون الجنس واحدا. قيل: هذا إذا أعطى ضربا دون المسمى، فأما إذا أعطاه ضربا فوق المسمى فلا حاجة إلى رضا صاحبه اه.
وقدمنا جواز الرهن ببدل الصرف فإن هلك وهما في المجلس هلك بما فيه وجاز العقد، وإن