البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٣٤
الدنانير ويبقى لصاحب الدنانير على صاحب الدراهم ما بقي منها، كذا في الظهيرية. وفي فروق الكرابيسي من النفقات: وإذا طلبت المرأة النفقة وكان للزوج عليها دين فقال الزوج احسبوا لها نفقتها منه كان جائزا لأنها من جنس الدراهم والدنانير فتقع المقاصة عند التراضي، فرق بين هذا وبين سائر الديون فإن هناك المقاصة تقع من غير التراضي، وهنا شرط التراضي. والفرق أن دين النفقة أدنى لما ذكرنا فلا تقع المقاصة إلا بالتراضي كما لو كان أحد الدينين جيدا والآخر رديئا بخلاف سائر الديون لأنها جنس واحد فلا يشترط التراضي اه‍. وتقدم شئ من فوائد التقاص في باب أم الولد فارجع إليه.
قوله: (وغالب الفضة والذهب فضة وذهب) يعني فلا يصح بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا وزنا ولا يصح الاستقراض بها إلا وزنا لأنهما لا يخلوان عن قليل غش إذ هما لا ينطبعان عادة بدون، وقد يكون خلقيا فيعسر التمييز فصار كالردئ وهو والجيد سواء عند المقابلة بالجنس فيجعل الغش معدوما فلا اعتبار له أصلا بخلاف ما إذا غلب الغش فإن للمغلوب اعتبارا كما سيأتي اه‍. قوله: (وغالب الغش ليس في حكم الدراهم والدنانير فيصح بيعها بجنسها متفاضلا) أي وزنا وعددا لأن الحكم للغالب فلا يضر التفاضل لجعل الغش مقابلا بالفضة أو الذهب الذي في الآخر، ولكن يشترط التقابض قبل الافتراق لأنه صرف في البعض لوجود الفضة أو الذهب من الجانبين. ويشترط في الغش أيضا لأنه لا يتميز إلا بضرر، وكذا إذا بيعت بالفضة الخالصة أو الذهب الخالص لا بد أن يكون الخالص أكثر من الفضة أو الذهب الذي في المغشوش حتى يكون قدره بمثله والزائد بالغش على مثال بيع الزيتون بالزيت فاعتبر الفضة أو الذهب المغلوب بالمغشوش بالغالب حتى لا يجوز بيعه بجنسه إلا على سبيل الاعتبار، ولم يعتبر الغش المغلوب بهما فجعل كأنه كله فضة أو ذهب ومنع بيعه متفاضلا. والفرق أن الفضة أو الذهب المغلوب موجود حقيقة حالا بالوزن ومآلا بالإذابة لكونهما يخلصان منه بالإذابة فكانا موجودين حقيقة وحكما حتى يعتبرا في نصاب الزكاة بخلاف الغش المغلوب لأنه يحترق ويهلك ولا لون حتى لو عرف أن الفضة أو الذهب الذي في الغش الغالب يحترق ويهلك كان حكمه حكم النحاس الخالص فلا
(٣٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 ... » »»
الفهرست