البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٣٣
يبالي به لحصول المقصود من التعيين بالقبض بالمساواة. وعلى هذا التقرير لا حاجة إلى اعتبار فسخ العقد الأول بالإضافة إلى العشرة الدين بعد العقد على الاطلاق بخلاف ما إذا باع بألف ثم بألف وخمسمائة فإن الفسخ لازم لأن أحدهما لم يصدق على الآخر بخلاف العشرة مطلقا مع هذه العشرة للصدق لأن الاطلاق ليس قيدا في العقد بها وإلا لم يمكن قضاؤها أصلا إذ لا وجود للمطلق بقيد الاطلاق وعلى هذا مشوا، وتقريره أنهما لما غيرا موجب العقد فقد فسخاه إلى عقد آخر اقتضاء اه‍. أطلق في العشرة الدين فشمل ما إذا كانت عليه قبل عقد الصرف أو حدثت بعده وقيل: لا يجوز التقاص بدين حادث بعده والأول أصح لأن التقاص هو المتضمن لفسخ الأول وإنشاء صرف آخر فيكتفي بالدين عند التقاص بخلاف رأس مال السلم حيث لا يجوز جعله قصاصا بدين آخر مطلقا متقدما كان أو متأخرا لأن المسلم فيه دين، ولو صحت المقاصة برأس مال السلم لافترقا عن دين بدين ولذا لا يجوز إضافته إلى الدين ابتداء بأن يجعل الدين الذي على المسلم إليه رأس مال السلم بخلاف الصرف. وقال الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير: إذا استقرض بائع الدينار عشرة من المشتري أو غصب منه فقد صار قصاصا ولا يحتاج إلى التراضي لأنه قد وجد منه القبض اه‍.
وقوله وتقاصا راجع إلى الثانية، وأما الأولى فتقع المقاصصة بنفس العقد. والحاصل أن الدين إذا حدث بعد الصرف فإن كان بقرض أو غصب وقعت المقاصة وإن لم يتقاصا، وإن حدث بالشراء بأن باع مشتري الدينار من بائع الدينار ثوبا بعشرة إن لم يجعلاه قصاصا لا يصير قصاصا باتفاق الروايات، وإن جعلاه قصاصا ففيه روايتان، كذا في الذخيرة. ومن مسائل المقاصات وإن لم تكن من الصرف ما في المنتقى: له وديعة وللمودع على صاحبها دين من جنسها لم تصر قصاصا بالدين قبل الاتفاق عليه وإذا اجتمعا عليه لا تصير الوديعة قصاصا ما لم يرجع إلى أهله فيأخذها، وإن كانت في يده فاجتمعا على جعلها قصاصا لا يحتاج إلى غير ذلك، وحكم المغصوب كالوديعة سواء، والدينان إذا كانا من جنسين لا تقع المقاصة بينهما ما لم يتقاصا، وذكر إذا كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا، وكذا إذا كان أحدهما غلة والآخر صحيحا - كذا في الذخيرة أيضا من كتاب الصرف. وذكر في كتاب المداينات أن الدينين إذا كانا مؤجلين لا تقع المقاصة حتى يتقاصا، وذكر قبله أن التفاوت في الوصف يمنع المقاصة بنفسه ولا يمنع إذا جعلاه قصاصا اه‍. وفي الصحاح: تقاص القوم إذا قاص كل واحد منهما صاحبه في حساب أو غيره اه‍. وإذا اختلف الجنس وتقاصا كأن كان له عليه مائة درهم وللمديون مائة دينار عليه، فإذا تقاصا تصير الدراهم قصاصا بمائة من قيمة
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست