البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٧٤
المسلم إليه دين مثل رأس المال فلا يخلوا إما إن يجب الدين الآخر بالعقد أو بالقبض، فإن كان الأول فإما بعقد سابق على السلم أو متأخر عنه، فإن كان الأول بأن كان رب السلم باع المسلم إليه ثوبا بعشرة دراهم ولم يقبضها حتى أسلم إليه عشرة دراهم في كرفان تراضيا بالمقاصة صار قصاصا، وإن أبى أحدهما لا يصير قصاصا استحسانا لأن العقد موجب للقبض حقيقة لولا المقاصة، فإذا تقاصا تبين أنه انعقد موجبا قبضا بطريق المقاصة وقد وجد، وإن وجب بعقد متأخر عن السلم لا يصير قصاصا وإن جعلاه قصاصا. هذا إذا وجب الدين بالعقد، فإن وجب بالقبض كالغصب والقرض فإنه يصير قصاصا جعلاه أو لا بعد أن كان وجوب الدين متأخرا عن العقد. هذا إذا تساوى الدينان، فإما إذا تفاضلا بأن كان أحدهما أفضل والآخر أدون ورضي أحدهما بالقصاص وأبي الآخر فإنه ينظر، فإن أبي صاحب الأفضل لا يصير قصاصا لأن حقه في الجودة معصوم محترم فلا يجوز إبطاله عليه من غير رضاه، وإن أبى صاحب الأدون يصير قصاصا لأنه لما رضي به صاحب الأفضل فقد أسقط حقه، وكذلك المقاصة في بدل الصرف على هذه التفاصيل، كذا في البدائع. قال الأزهري رحمه الله تعالى: الكرستون قفيزا، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف. وفي الحسامي: الكراسم لأربعين قفيزا. وهذا كله في رأس المال، أما المقاصة بالمسلم فيه فقال في الايضاح: إن وجب على رب السلم دين مثل المسلم فيه بسبب متقدم على العقد أو بعده لم يصر قصاصا، وإن وجب بقبض مضمون كالغصب والقرض صار قصاصا إن كان قبل العقد، وإن كان بعده فجعله قصاصا جاز. وإن كان وديعة عند رب السلم قبل العقد أو بعده فجعله المسلم إليه قصاصا لم يكن قصاصا إلا أن يكون بحضرتهما أو يخلى بينه وبينهما، ولا يصير المغصوب قصاصا إلا إذا كان مثل المسلم فيه فإن كان أجود أو أردأ فلا بد من رضاهما اه‍.
قوله: (ولا يصح التصرف في رأس المال والمسلم فيه قبل القبض بشركة أو تولية) لأن المسلم فيه مبيع والتصرف في المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز ورأس المال مستحق القبض في المجلس والتصرف فيه مفوت له فلم يجز ففي التولية تمليكه بعوض، وفي الشركة تمليك بعضه بعوض فلم يجز. وصورة الشركة فيه أن يقول رب السلم لآخر أعطني نصف رأس المال ليكون نصف المسلم لك فيه. وصورة التولية أن يقول لآخر اعطني مثل ما أعطيت
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست