البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٧٧
يعلم وهذا إذا لم يبين لكل ذراع حصة، أما إذا بين جاز في الكل بلا خلاف اه‍. وقيد بقوله قبل القبض لأن بيعه بعده على رأس المال ومرابحة ووضيعة وشركة جائز، كذا في البناية. وفي القنية: أسلم دينارا في مائتي من من الزبيب فلما حل الاجل وعجز عن أدائه باع رب السلم من المسلم إليه مائة من من ذلك الزبيب الذي على المسلم إليه بدينار وقبض الدينار لا ينفسخ السلم في حصة الدينار اه‍. والحاصل أن التصرف المنفي في الكتاب شامل للبيع والاستبدال والهبة والابراء إلا أن في الهبة والابراء يكون مجازا عن الإقالة فيرد رأس المال كلا أو بعضا ولا يشمل الإقالة فإنها جائزة ولا التصرف في الوصف من دفع الجيد مكان الردئ والعكس.
قوله: (فإن تقايلا السلم لم يشتر من المسلم إليه شيئا برأس المال) يعني قبل قبضه بحكم الإقالة لقوله عليه السلام لا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك أي سلمك حال قيام العقد أو رأس مالك حال انفساخه فامتنع الاستبدال فصار رأس المال بعد الإقالة بمنزلة السلم فيه قبله فيأخذ حكمه من حرمة الاستبدال بغيره، فحكم رأس المال بعدها كحكمه قبلها إلا أنه لا يجب قبضه في مجلسها كما كان يجب قبلها لكونها ليست بيعا من كل وجه ولهذا جاز إبراؤه عنه وإن كان لا يجوز قبلها. وفي الايضاح للكرماني أن الإقالة فيه بيع جديد في حق ثالث وهو الشرع. وفي البدائع: قبض رأس المال إنما هو شرط حال بقاء العقد فأما بعد ارتفاعه بطريق الإقالة أو بطريق آخر فقبضه ليس بشرط في مجلس الإقالة بخلاف القبض في مجلس العقد، وقبض بدل الصرف في مجلس الإقالة شرط لصحة الإقالة كقبضها في مجلس العقد ووجه الفرق أن القبض في مجلس العقد في البدلين ما شرط لعينه وإنما شرط للتعيين وهو أن يصير البدل معينا بالقبض صيانة عن الافتراق عن دين بدين، ولا حاجة إلى التعيين في مجلس الإقالة في السلم لأنه لا يجوز استبداله فيعود إليه عينه فلا تقع الحاجة إلى التعيين بالقبض فكان الواجب نفس القبض فلا يراعى له المجلس بخلاف التصرف لأن التعيين لا يحصل إلا بالقبض لأن استبداله جائز فلا بد من شرط القبض في المجلس للتعيين اه‍. وذكر الشارح من باب التحالف من كتاب الدعوى الإقالة في السلم بعد نفاذها لا تحتمل الفسخ بسائر أسباب الفسخ ألا يرى أنهما لو قالا نقضنا الإقالة لا تنتقض، وكذا لو كان رأس المال عرضا فقبضه المسلم إليه ثم رد عليه بعيب بقضاء ثم هلك قبل التسليم إلى رب السلم لا يعود السلم والفقه فيه أن المسلم فيه سقط بالإقالة فلو انفسخت الإقالة لكان حكم انفساخها عود المسلم فيه، والساقط لا يحتمل العود بخلاف الإقالة في البيع لأنه عين فأمكن عوده إلى ملك المشتري اه‍.
ومن هنا يعلم أفسخ الابراء لا يصح بالأولى. وفي الذخيرة من باب السلم: لو اختلفا في رأس المال بعد الإقالة فالقول للمسلم إليه ولا يتحالفان. وذكر ما ذكره الشارح ثم قال: لو
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست