مات الصانع يبطل ولا يستوفي المصنوع من تركته، ذكره محمد في كتاب البيوع. وإنما لم يجبر الصانع على العمل والمستصنع على إعطاء المسمى لأنه لا يمكنه إلا بإتلاف عين ماله والإجارة تفسخ بهذا العذر. الخامس فحكمه وهو الجواز دون اللزوم لأن جوازه للحاجة وهي في الجواز لا اللزوم ولذا قلنا للصانع أن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع لأن العقد غير لازم، وأما بعد ما رآه فالأصح أنه لا خيار للصانع بل إذا قبله المستصنع أجبر على دفعه له لأنه بالآخرة بائع له. وتفرع على عدم لزومه ما في فتاوي قاضيخان من الدعوى: رجل استصنع رجلا في شئ ثم اختلفا في المصنوع فقال المستصنع لم تفعل ما أمرتك به وقال الصانع فعلت قالوا: لا يمين فيه لأحدهما على الآخر. ولو ادعى الصانع على رجل أنك استصنعت إلي في كذا وأنكر المدعى عليه لا يحلف ا ه.
قوله: (وله الخيار أي للمستصنع الخيار (إذا رأى المصنوع) لما قدمناه أنه اشترى ما لم يره بخلاف السلم لأنه لا فائدة في إثبات الخيار فيه لأنه كلما رده عليه أعطاه غيره لكونه غير متعين إذا المسلم فيه في الذمة فيبقى فيها إلى أن يقبضه. قيد به لأنه لا خيار للصانع لأنه باع ما لم يره. وعن أبي حنيفة أن له الخيار لأنه يلحقه الضرر بقطع الصرم والصحيح الأول قوله:
(وللصانع بيعه قبل أن يراه) أي المستصنع لأنه لا يتعين إلا باختياره. قيد بقوله قبل أن يراه لأنه إذا رآه ورضي به امتنع على الصانع بيعه لأنه بالاحضار أسقط خياره ولزم قوله: (ومؤجله سلم) أي إذا أجله المستصنع صار سلما وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: إن ضرب الاجل فيما فيه تعامل فهو استصناع، وإن ضرب فيما لا تعامل فيه فهو سلم لتعذر جعله استصناعا ويحمل الاجل فيما فيه تعامل على الاستعجال. وله أن يحتمل السلم فحمل عليه وهو أولى لكونه ثابتا بالكتاب والسنة والاجماع مطلقا. وأما الاستصناع فبالتعامل ومخصوص بما فيه تعامل، ولان الاجل لتأخير المطالبة وذلك باللزوم وهو في السلم دونه. والمراد بالأجل ما قدمه من أن أقله شهر فإن لم يصلح كان استصناعا إن جرى فيه تعامل وإلا ففاسد إن ذكره على وجه الاستمهال، فإن كان للاستعجال بأن قال على أن تفرغ منه غدا أو بعد غد كان صحيحا. وفصل الهندواني فجعله من المستصنع استعجالا ومن الصانع تعجيلا. ثم فائدة كونه سلما أن يشترط فيه شرائطه من القبض قبل الافتراق وعدم الخيار إلى غير ذلك من