البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٩٤
لأن النفاذ واللزوم موقوفان على نقد الثمن أو رضا البائع وإلا فللبائع إبطاله، وكذا كل تصرف يقبل النقض إذا فعله المشتري قبل القبض أو بعده بغير إذن البائع فللبائع إبطاله بخلاف ما لا يقبل النقض كالعتق والتدبير والاستيلاد كما قدمناه. قيد بالبيع لأنه لو اشترى عقارا فوهبه قبل القبض من غير البائع يجوز عند الكل، كذا في الخانية.
قوله: (لا بيع المنقول) أي لا يصح لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض ولان فيه غرر انفساخ العقد على اعتبار الهلاك. قيد بالبيع لأن هبته والتصدق به وإقراضه من غير البائع جائز عند محمد وهو الأصح خلافا لأبي يوسف وإما كتابة العبد المبيع قبل القبض موقوفة وللبائع حبسه بالثمن وإن نقده نفذت، كذا ذكر الشارح ولا خصوصية لها بل كل عقد يقبل النقض فهو موقوف كما قدمناه. وأما تزويج الجارية المبيعة قبل قبضها فجائز لأن الغرر لا يمنع جوازه بدليل صحة تزويج الآبق. وأما الوصية به قبل القبض فصحيحة اتفاقا لأنها أخت الميراث، ولو زوجها قبل القبض ثم فسخ البيع انفسخ النكاح على قول أبي يوسف وهو المختار كما في الولوالجية. وأطلق البيع فشمل الإجارة لأنها بيع المنافع والصلح لأنه بيع قالوا: ما لا يجوز بيعه قبل القبض لا تجوز إجارته، ولا يجوز بيع الأجرة العين قبل القبض لأنها بمنزلة المبيع. وأراد بالمنقول المبيع المنقول فجاز بيع غيره كالمهر وبدل الخلع والعتق على مال وبدل الصلح على دم العمد، والأصل كما في الايضاح أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه فالتصرف فيه غير جائز وما لا فجائز. وأطلق في منع البيع فشمل ما إذا باعه من بائعه قبل القبض لم يصح ولا ينتقض البيع الأول بخلاف ما إذا وهبه منه وقبلها فإنه ينتقض لأن الهبة مجاز عن الإقالة بخلاف البيع. وفي الخانية: اشترى عبدا وقبضه ثم تقايلا البيع ولم يتقابضا حتى اشتراه من البائع جاز شراؤه ولو باعه البائع بعد الإقالة من غير المشتري لا يجوز بيعه اه‍. وهذا كله في تصرف المشتري في المبيع قبل قبضه، فإن تصرف فيه البائع قبل قبضه فهو على وجهين: إما أن يكون بأمر المشتري أو بغير أمره. فإن كان الأول ذكر في الخانية: رجل اشترى عبدا ولم يقبضه فأمره أن يهبه من فلان ففعل البائع ذلك ودفعه إلى الموهوب له جازت الهبة وصار المشتري قابضا، وكذا لو أمر البائع أن يؤاجره فلانا معينا أو غير معين ففعل جاز وصار المستأجر قابضا للمشتري أولا ثم يصير قابضا لنفسه، والاجر الذي يأخذه البائع من المستأجر بحسبه من الثمن إن كأنه من جنسه، وكذا لو أعار العبد البائع
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست