البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٨٩
وكذا منافع البضع لا يقابلها الثمن. وأطلق في قوله بلا بيان ومراده بلا بيان أنه اشتراه سليما فتعيب عنده، أما بيان نفس العيب القائم به فلا بد منه لئلا يكون غاشا له للحديث الصحيح من غش فليس منا وفي الخلاصة قبيل الصرف: رجل أراد أن يبيع سلعة معيبة وهو يعلم يجب أن يبينها ولو لم يبين قال بعض مشايخنا: يصير فاسقا مردود الشهادة. قال الصدر الشهيد: ولا نأخذ به اه‍. وأطلق في وطئ الثيب ومراده ما إذا لم ينقصها الوطئ، أما إذا نقصها فهو كوطئ البكر. والتعيب مصدر تعيب أي صار معيبا بلا صنع أحد بآفة سماوية ويحلق به ما إذا كان بصنع المبيع. وشمل ما إذا كان نقصان العيب يسيرا أو كثيرا. وعن محمد إنه إن نقصه قدرا لا يتغابن الناس فيه لا يبيعه مرابحة بلا بيان. ودل كلامه أنه لو نقص بتغير السعر بأمر الله تعالى لا يجب عليه أن يبين بالأولى أنه اشتراه في حال غلائه، وكذا لو اصفر الثوب أو احمر لطول مكثه أو توسخ. وأورد على قولهم الفائت وصف لا يقابله بشئ من الثمن ما إذا اشتراه بأجل فإن الاجل وصف ومع ذلك لا يجوز بيعه مرابحة بلا بيان.
وأجيب بإعطاء الاجل جزاء من الثمن عادة فكان كالجزء. وأورد على قولهم منافع البضع لا يقابلها شئ من الثمن ما إذا اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيبا امتنع ردها وإن كانت ثيبا وقت الشراء لاحتباسه جزأ من المبيع عنده. وأجيب إن عدم الرد إنما هو لمانع وهو أنه إذا ردها فلا يخلو اما مع العقر احترازا عن الوطأ مجابا أم من غير عقر لا وجه إلى الأول لعود الجارية مع زيادة والزيادة تمنع الفسخ، ولا إلى الثاني لسلامة الوطئ له بلا عوض وهو لا يجوز فأورد الواهب إذا رجع في هبته بعد وطئ الموهوب له حيث يصح ولا شئ على الواطئ لسلامتها كلها بلا عوض له فالوطئ أولى بخلاف البيع.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست