البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٩١
يرابح بالثمن، وينبغي ترجيح الأول لأنها مبنية على الأمانة والاحتراز عن شبهة الخيانة، وعلى كل من القولين لو لم يكن مشروطا ولا معروفا وإنما أجله بعد العقد لا يلزمه بيانه. وفي الخانية: رجل عليه ألف درهم من ثمن مبيع طالبه الطالب فقال ليس عندي شئ فقال له الطالب اذهب وأعطني كل شهر عشرة لم يكن تأجيلا وكان له أن يأخذه بجميع المال حالا اه‍ قوله: (فإن أتلف فعلم لزم بألف درهم ومائة) أي إن أتلفه المشتري حالا ثم علم بالأجل لزمه بكل الثمن حالا لأن الاجل لا يقابله شئ من الثمن، كذا في الهداية. وأورد عليه أنه تناقض لأنه قال عند قيام المبيع أن الثمن يزداد بالأجل وعند هلاكه قال إنه لا يقابله شئ.
وجوابه أن الاجل في نفسه ليس بمال فلا يقابله شئ حقيقة إذا لم يشترط زيادة الثمن بمقابلته قصدا ويزاد في الثمن لأجله إذا ذكر الاجل بمقابلة زيادة الثمن قصدا فاعتبر مالا في المرابحة احترازا عن شبهة الخيانة وليعتبر مالا في حق الرجوع عملا بالحقيقة. والمراد بالاتلاف هلاك المبيع إما بآفة سماوية أو باستهلاك المشتري، ولو عبر بالتلف لكان أولى ليفهم الاتلاف بالأولى قوله: (وكذا التولية) أي هن مثل المرابحة فيما ذكرناه من الخيار عند قيام المبيع، وعدم الرجوع حال هلاكه لابتنائهما على الثمن الأول وينبغي أن يعود قوله وكذا التولية إلى جميع ما ذكره للمرابحة فلا بد من البيان في التولية أيضا في التعييب ووطئ البكر وبدونه في التعيب ووطئ الثيب. وعن أبي يوسف أنه يرد القيمة ويسترد كل الثمن وهو نظير ما إذا استوفي الزيوف مكان الجياد وعلم بعد الانفاق. وقيل: يقوم بثمن حال ومؤجل فيرجع بفضل ما بينهما، كذا في الهداية. وقال الفقيه أبو جعفر: المختار للفتوى الرجوع بفضل ما بينهما قوله: (ولو ولى رجلا شيئا بما قام عليه ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد) أي البيع لجهالة الثمن وكذا لو ولاه بما اشتراه والمرابحة فيهما كالتولية.
قوله: (ولو علم في المجلس خير) أي بين أخذه وتركه لأن الفساد لم يتقرر فإذا حصل العلم في المجلس جعل كابتداء العقد وصار كتأخير القبول إلى آخر المجلس. قيد بالمجلس لأنه بعد الافتراق عنه يتقرر الفساد فلا يقبل الاصلاح، ونظيره بيع الشئ برقمه إذا علم في المجلس وإنما يتخير لأن الرضا لم يتم قبله لعدم لعلم فيتخير كما في خيار الرؤية. وظاهر كلام المصنف وغيره أن هذا العقد ينعقد فاسدا بعرضية الصحة وهو الصحيح خلافا للمروي عن محمد أنه صحيح له عرضية الفساد، كذا في فتح القدير. وينبغي أن تظهر ثمرة الاختلاف في حرمة مباشرته فعل الصحيح يحرم وعلى الضعيف لا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد ذكر الشارح هنا خيار الغبن فتتبعه فأقول: معنى الغبن في اللغة قال في الصحاح: غبنه
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست