البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ١٨٥
حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة لأنه يتأكد به ما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا ولهذا لم تجز المرابحة فيما أخذ بالصلح لشبهة الحطيطة فيصير كأنه اشترى خمسة وثوبا بعشرة فيطرح خمسة بخلاف ما إذا تخلل ثالث. وفي المحيط: ما قاله أبو حنيفة أوثق وما قالاه أرفق اه‍. ومحل الاختلاف عند عدم البيان، أما إذا بين فقال كنت بعته فربحت فيه كذا ثم اشتريته بكذا وأنا أبيعه الآن بكذا بربح كذا جاز اتفاقا، كذا في فتح القدير. وقيل بالشراء لأنه لو وهب له ثوب فباعه بعشرة ثم اشتراه بعشرة فإنه يرابح على العشرة وإن كان يتأكد به انقطاع حق الواهب في الرجوع لكنه ليس بمال، ولا تثبت هذه الوكادة إلا في عقد يجري فيه الربا، كذا في فتح القدير. وقيدنا بيعه بجنس الثمن الأول لأنه لو باعه بوصيف أو دابة أو عرض آخر ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة على عشرة لأنه عاد إليه بما ليس من جنس الثمن الأول ولا يمكن طرحه إلا باعتبار القيمة وتعيينها لا تخلو عن شبهة الغلط، كذا في فتح القدير. وقيد بقوله لم يرابح لأنه يصح مساومة لأن منع المرابحة إنما هي للشبهة في حق العباد لا في حق الشرع وتمامه في البناية.
وقيد بالربح في البيع لأنه لو اجر المبيع وأخذ أجرته من غير نقص دخل فيه فله البيع مرابحة من غير بيان لأن الأجرة ليست من نفس المبيع ولا من أجزائه فلم يكن حابسا لي منه، وكذا لو وطئ الجارية الثيب، كذا في السراج الوهاج. وقوله ثوبا مثال ولو قال شيئا لكان أولى لأن المثلي والقيمي سواء هنا. ثم اعلم أن ظاهر دليل الإمام يقتضي أنه لا يجيز أن يشتري بالثمن الأخير سواء باعه مرابحة أو تولية، والمتون كلها مقيدة بالمرابحة وظاهرها جواز التولية على الأخير، والظاهر الأول كما لا يخفي. وقيد بالربح لأن بائعه لو حط عنه شيئا فإن كان بعض الثمن طرحه كالربح، وإن كان كل الثمن باعه مرابحة على ما اشترى لالتحاق حط البعض بالعقد دون حط الكل لئلا يكون بيعا بلا ثمن فصار تمليكا مبتدأ كالهبة، كذا في المحيط وسيأتي أن الزيادة تلتحق فيرابح على الأصل والزيادة. وفي المحيط: اشترى شيئا ثم خرج عن ملكه ثم عاد إن عاد قديم ملكه كالرجوع في الهبة أو بخيار رؤية أو شرط أو عيب أو إقالة أو في البيع الفاسد يبيع مرابحة بما اشترى لأن بهذه الأسباب ينفسخ العقد من الأصل وصار كأنه لم يكن، وإن عاد بسبب آخر نحو الإرث والهبة لا يبيع مرابحة لأنه عاد إليه بسبب جديد، وهذا السبب لا يطلق له بي المرابحة بخلاف ما لو رد عليه بغير قضال فإنه
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست