قوله: (فإن بعث بها ثم توجه إليها لا يصير محرما حتى يلحقها إلا في بدنة المتعة) لفقد أحد الشروط الثلاثة وهو السوق في الابتداء فإذا أدركها اقترنت نيته بفعل ما هو من خصائصها إلا في هدي هو من خصائص الحج وضعا وهو هدي المتعة والقران فإنه لا يحتاج فيه إلى الادراك والمتعة تشمل التمتع العرفي والقران لأن المذكور في الآية إنما هو التمتع بقوله تعالى * (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج) * (البقرة: 196) إلى آخره فهو دليلهما فلذا اقتصر المصنف على المتعة. ولما كان التمتع لا يكون قبل أشهر الحج لم يقيد البعث بأشهر الحج فاستغنى عن تقييد النهاية، ثم المصنف تبعا للجامع الصغير شرط اللحوق فقط ولم يشترط السوق معه وشرطهما في المبسوط، والظاهر الأول لأن فعل الوكيل بحضرة الموكل كفعل الموكل. كذا علل به في فتح القدير. وقد يقال: لا يحتاج إليه لأنه يصير محرما باللحوق وإن لم يسقها أحد، وهذا التعليل إنما هو على قول من يشترط السوق مع اللحوق. وأفاد المصنف أنه لا بد من التوجه إلى بدنة المتعة ولا يكفي البعث قوله: (وإن جللها أو أشعرها أو قلد شاة لم يكن محرما) يعني وإن ساقها لأنه ليس من خصائص الحج فلم يقم مقام التلبية شئ لأن التجليل لدفع الأذى عنها. والاشعار مكروه عند أبي حنيفة أن يطعن من الجانب الأيسر في السنام فيسيل الدم فلا يكون من النسك، وعندهما وإن كان حسنا فقد يفعل للمعالجة بخلاف التقليد فإنه يختص بالهدي ولذا كان التقليد أحب من التجليل لأنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتجليل حسن للاتباع ويستحب التصديق به، وأما تقليد الشاة فغير متعارف وليس بسنة أيضا فلا يقوم مقامها. وقد علم مما قرره المصنف أنه لا يكون محرما بمجرد النية من غير تلبية أو ما يقوم مقامها وهو المذهب، وعن أبي يوسف أنه يكتفي بالنية ولا خلاف أن التلبية وحدها لا تكفي بلا نية قوله: (والبدن من الإبل والبقر) يعني لغة وشرعا. قال الجوهري: البدنة ناقة أو بقرة وقال النووي: إنه قول أكثر أهل اللغة فإذا طلب من المكلف بدنة خرج عن العهدة بالبقرة كالناقة، وأما حديث الرواح يوم الجمعة وعطفه البقرة على البدنة فمحمول على أنه أراد بالأعم بعض الافراد وهو الجزور لا كل ما يصدق عليه لأنه لو كانت البدنة اسما للجزور فقط للزم النقل عن المعنى اللغوي
(٦٢٤)