البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦١٤
أولى من عبارة المصنف حيث قال: ثم ينزل بالمحصب فإن الرواح إليه لا يستلزم النزول فيه.
وفي فتاوي قاضيخان: وينزل بالمحصب ساعة. وفي فتح القدير: ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة ثم يدخل مكة ا ه‍. فحاصله أن النزول به ساعة محصل لأصل السنة وأما الكمال فما ذكره الكمال.
قوله: (فطف للصدر سبعة أشواط وهو واجب إلا على أهل مكة) وله خمسة أسام ما في الكتاب لأنه يصدر عنه أي يرجع والصدر الرجوع، وطواف الوداع لأنه يودع البيت به، وطواف الإفاضة لأنه لأجله يفيض إلى البيت من مني، وطواف آخر عهد بالبيت لأنه لا طواف بعده طواف الواجب. واختلف في المراد بالصدر الذي هو الرجوع فعندنا هو الرجوع عن أفعال الحج، وعند الشافعي هو الرجوع إلى أهله ويبتني عليه أنه لو طاف للصدر ثم أقام بمكة لشغل لم تلزمه الإعادة عندنا خلافا له، والصحيح قولنا لأن الإضافة للاختصاص وهو إما باعتبار أن الصدر سبب أو شرط وكل منهما سابق على الحكم وهو بما قلنا، وعلى قوله يكون متأخرا عن الحكم والفراغ عن الافعال يسمى صدورا ورجوعا عنها إلى الحالة التي كانت من قبل. ولم يبين وقته وله وقتان: وقت الجواز ووقت الاستحباب، فالأول أوله بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر حتى لو طاف كذلك ثم أطال الإقامة بمكة وله سنة ولم ينو الإقامة بها ولم يتخذها دارا جاز طوافه وأما آخره فليس بموقت ما دام مقيما حتى لو أقام عاما لا ينوي الإقامة فله أن يطوف ويقع أداء، والثاني أن يوقعه عند إرادة السفر حتى روي عن أبي حنيفة أنه لو طافه ثم أقام إلى العشاء فأحب إلى أن يطوف طوافا آخر ليكون توديع البيت آخر مورده. كذا في المحيط. ولم يشترط المصنف له نية معينة فأفاد أنه لو طاف بعد ما حل النفر ونوي التطوع أجزأه عن الصدر كما لو طاف بنية التطوع في أيام النحر وقع عن الفرض. وأفاد ببيان صفته أنه لو نفر ولم يطف يجب عليه أن يرجع فيطوفه لكن قالوا: ما لم يجاوز المواقيت فإن جاوزها لم يجب الرجوع عينا بل إما أن يمضي وعليه دم، وإما أن يرجع فيرجع بإحرام جديد لأن الميقات لا يجاوز بلا إحرام فيحرم بعمرة، فإذا رجع ابتدأ بطواف العمرة ثم يطوف للصدر ولا شئ عليه لتأخيره وقالوا: الأولى أن لا يرجع ويريق دما لأنه أنفع للفقراء وأيسر عليه لما فيه من دفع ضرر التزام الاحرام ومشقة الطريق. والدليل على وجوبه من السنة أحاديث أصرحها ما في صحيح مسلم: كانوا ينصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينصرفن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.
وأراد بأهل مكة من اتخذ مكة أو داخل المواقيت دارا فلا طواف صدر على من كان داخل
(٦١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 ... » »»
الفهرست