وهو ضعيف بالعباس بن مرادس فإنه منكر الحديث ساقط الاحتجاج كما ذكره الحفاظ لكن له شواهد كثيرة، فمنها ما رواه أحمد بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: كان فلان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره غفله. ومنها ما رواه البخاري مرفوعا من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ومنها ما رواه مسلم في صحيحه مرفوعا إن الاسلام يهدم ما كان قبله، وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وإن الحج يهدم ما كان قبله (1) ومنها ما رواه مالك في الموطأ مرفوعا ما رؤي الشيطان يوما هو أصغر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله تعالى عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر فإنه رأي جبريل يزع الملائكة (2) فإنها تقتضي تكفير الصغائر والكبائر ولو كانت من حقوق العباد لكن ذكر الأكمل في شرح المشارق أن الاسلام يهدم ما كان قبله أن المقصود أن الذنوب السالفة تحبط بالاسلام والهجرة والحج صغيره كانت أو كبيرة، وتتناول حقوق الله وحقوق العباد بالنسبة إلى الحربي حتى لو أسلم لا يطالب بشئ منها حتى لو كان قتل وأخذ المال وأحرزه بدار الحرب ثم أسلم لا يؤاخذ بشئ من ذلك، وعلى هذا كان الاسلام كافيا في تحصيل مراده ولكن ذكر صلى الله عليه وسلم الهجرة والحج تأكيدا في بشارته وترغيبا في مبايعته فإن الهجرة والحج لا يكفران المظالم ولا يقطع فيهما بمحو الكبائر وإنما يكفران الصغائر. ويجوز أن يقال: والكبائر التي ليست من حقوق العباد أيضا كالاسلام من أهل الذمة وحينئذ لا يشك أن ذكرهما كان للتأكيد ا ه.
وهكذا ذكر الإمام الطيبي في شرح هذا الحديث وقال: إن الشارحين اتفقوا عليه. وهكذا ذكر الإمام النووي والقرطبي في شرح مسلم. وذكر القاضي عياض أن أهل السنة أجمعوا على أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة.
فالحاصل أن المسألة ظنية وأن الحج لا يقطع فيه بتكفير الكبائر من حقوق الله تعالى فضلا عن حقوق العباد. وأن قلنا بالتكفير للكل فليس معناه كما يتوهمه كثير من الناس أن الدين يسقط عنه وكذا قضاء الصلوات والصيامات والزكاة إذ لم يقل أحد بذلك، وإنما المراد