البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٨٢
القدوم، وهذا الطواف سنة للآفاقي دون المكي لأنه كتحية المسجد لا يسن للجالس فيه، هكذا ذكروا وليس هذا كتحية المسجد من كل وجه فإن الفرض أو السنة تغني عن تحية المسجد بخلاف طواف القدوم لما سيأتي من أن القارن يطوف للعمرة أولا ثم يطوف للقدوم ثانيا ولا يكفيه الأول، ولم يذكر المصنف الشرب من ماء زمزم بعد ختم الطواف وإنما ذكره بعد الفراغ من أفعال الحج، وكذا إتيان الملتزم والتشبث به، وكذا العود إلى الحجر الأسود قبل السعي، والكل مستحب لكن الأخير مشروط بإرادة السعي حتى لو لم يرده لم يعد إلى الحجر بعد ركعتي الطواف كما في الولوالجية.
قوله: (ثم أخرج إلى الصفا وقم عليه مستقبل البيت مكبرا مهللا مصليا على النبي صلى الله عليه وسلم داعيا ربك بحاجتك) لما ثبت في حديث جابر الطويل، وقد قدمنا أن هذا السعي واجب وليس بركن للحديث اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي قاله عليه السلام حين كان يطوف بين الصفا والمروة، فإنه ظني وبمثله لا يثبت الركن لأنه إنما يثبت عندنا بدليل مقطوع، فما في الهداية من تأويله بمعنى كتب استحبابا فمناف لمطلوبه لأنه الوجوب وجميع السبعة الأشواط واجب لا الأكثر فقط فإنهم قالوا في باب الجنايات: لو ترك أكثر الأشواط لزمه دم وإن ترك الأقل لزمه صدقة فدل على وجوب الكل إذ لو كان الواجب الأكثر لم يلزمه في الأقل شئ. أشار بثم إلى تراخي السعي عن الطواف، فلو سعي ثم طاف أعاده لأن السعي تبع ولا يجوز تقدم التبع على الأصل. كذا ذكر الولوالجي. وصرح في المحيط بأن تقديم الطواف شرط لصحة السعي. وبهذا علم أن تأخير السعي عن الطواف واجب وإلى أن
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست