البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
الاحرام أولم ينو شيئا، وسيأتي تفاصيله إن شاء الله تعالى. ثم إذا أحرم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم عقب إحرامه سرا وهكذا يفعل عقب التلبية ودعا بما شاء من الأدعية وإن تبرك بالمأثور فهو حسن قوله (فاتق الرفث والفسوق والجدال) للآية الكريمة * (فلا رفت ولا فسوق ولا جدال في الحج) * (البقرة: 197) وهذا نهي بصيغة النفي وهو آكد ما يكون من النهي كأنه قيل فلا يكونن رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وهذا لأنه لو بقي أخبار التطرق الخلف في كلام الله تعالى لصدور هذه الأشياء من البعض فيكون المراد بالنفي وجوب انتفائها وإنها حقيقة بأن لا تكون. كذا في الكافي. والرفث الجماع لقوله تعالى * (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) * (البقرة: 187) وقيل الكلام الفاحش لأنه من دواعيه فيحرم كالجماع إلا أن ابن عباس يقول: إنما يكون الكلام الفاحش رفثا بحضرة النساء حتى روي أنه كان ينشد في إحرامه:
وهن يمشين بنا هميسا * إن يصدق الطيرننك لميسا فقيل له: أترفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث بحضرة النساء. والضمير في هن للإبل والهميس صوت نقل أخفافها، وقيل المشي الخفي. ولميس اسم جارية والمعنى نفعل بها ما نريد إن صدق الفال. والفسوق المعاصي وهو منهي عنه في الاحرام وغيره إلا أنه في الاحرام أشد كلبس الحرير في الصلاة. والتطريب في قراءة القرآن، والجدال الخصومة مع الرفقاء والخدم والمكارين، ومن ذكر من الشارحين أن المراد به مجادلة المشركين بتقديم وقت الحج وتأخيره أو التفاخر بذكر آبائهم حتى أفضى ذلك إلى القتال فإنه يناسب تفسير الجدال في الآية لا الجدال في كلام الفقهاء فلهذا اقتصرنا على الأول وفي المحيط: إذا رفث يفسد حجه وإذا فسق أو جادل لا لأن الجماع من محظورات الاحرام اه‍. ولا يخفى أنه مقيد بما قبل الوقوف بعرفة وإلا فلا فساد في الكل.
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»
الفهرست