البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٥
(وزد فيها ولا تنقص) أي في التلبية ولا تنقص منها والزيادة مثل لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل لبيك إله الخلق غفار الذنوب لبيك ذا النعمة والفضل الحسن، لبيك عدد التراب لبيك إن العيش عيش الآخرة كما ورد ذلك عن عدة من الصحابة. وصرح المصنف في الكافي بأن الزيادة حسنة التكرار، وصرح الحلبي في مناسكه باستحبابها عندنا.
وأما النقص فقال المصنف إنه لا يجوز. وقال ابن الملك في شرح المجمع: إنه مكروه اتفاقا.
والظاهر أنها كراهة تنزيهية لما أن التلبية إنما هي سنة فإن الشرط إنما هو ذكر الله تعالى فارسيا كان أو عربيا هو المشهور عن أصحابنا. وخصوص التلبية سنة فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة تنزيهية فإذا نقص عنها فكذلك بالأولى، فقول المصنف لا يجوز فيه نظر ظاهر، وقول من قال إن التلبية شرط مراده ذكر يقصد به التعظيم لا خصوصها. قيدنا بالزيادة في التلبية لأن الزيادة في الاذان غير مشروعة لأنه للاعلام ولا يحصل بغير المتعارف، وفي التشهد في الصلاة إن كان الأول فليست بمشروعة كتكراره لأنه في وسط الصلاة فيقتصر فيه على الوارد، وإن كان الأخير فهي مشروعة لأنه محل الذكر والثناء قوله (فإذا لبيت ناويا فقد أحرمت) أفاد أنه لا يكون محرما إلا بهما فإذا أتى بهما فقد دخل في حرمات مخصوصة فهما عين الاحرام شرعا. وذكر حسام الدين الشهيد أنه يصير شارعا بالنية لكن عند التلبية لا بالتلبية كما يصير شارعا في الصلاة بالنية لكن عند التكبير لا بالتكبير ولا يصير شارعا بالنية وحدها قياسا على الصلاة، وروي عن أبي يوسف أن النية تكفي قياسا على الصوم بجامع أنهما عبادة كف عن المحظورات، وقياسنا أولى لأنه التزام أفعال كالصلاة لا مجرد كف بل التزام الكف شرط فكان بالصلاة أشبه. والمراد بالتلبية شرط من خصوصيات النسك، سواء كان تلبية أو ذكر يقصد به التعظيم أو سوق الهدي أو تقليد البدن كما ذكره المصنف في المستصفى. وذكر الأسبيجابي أنه لو ساق هديا قاصدا إلى مكة صار محرما بالسوق، نوى
(٥٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 ... » »»
الفهرست