البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٦٨
قوله: (وإلا فجمع عظيم) أي وإن لم يكن بالسماء علة فيهما يشترط أن يكون فيهما الشهود جمعا كثيرا يقع العلم بخبرهم أي علم غالب الظن لا اليقين لأن التفرد من بين الجم الغفير بالرؤية مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه مع فرض عدم المانع وسلامة الابصار وإن تفاوتت الابصار في الحدة ظاهر في غلطه قياسا على تفرد ناقل زيادة من بين سائر أهل مجلس مشاركين له في السماع فإنها ترد وإن كان ثقة مع أن التفاوت في حدة السمع واقع أيضا كما هو في الابصار مع أنه لا نسبة لمشاركته في السماع بمشاركته في الترائي كثرة، والزيادة المقبولة ما علم فيه تعدد المجالس أو جهل فيه الحال من الاتحاد والتعدد. كذا في فتح القدير وغيره. وبهذا اندفع تشنيع المتعصبين في زماننا على مذهبنا حيث زعموا أن عدم قبول الاثنين لا دليل له وهو مردود لأن القياس حيث لاسمع أحد الأدلة الشرعية والقياس المذكور صحيح لوجود ركنه وشرائطه، ولم يردوا بالتفرد تفرد الواحد وإلا لأفاد قبول الاثنين وهو منتف، بل المراد تفرد من لم يقع العلم بخبرهم من بين أضعافهم من الخلائق وهذا هو ظاهر الرواية. وروي الحسن عن أبي حنيفة أنه يقبل فيه شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، سواء كان بالسماء علة أو لم يكن كما روي عنه في هلال رمضان. كذا في البدائع. ولم أر من رجحها من المشايخ. وينبغي العمل عليها في زمانا لأن الناس تكاسلت عن ترائي الأهلة فانتفي قولهم مع توجههم طالبين لما توجه هو إليه فكان التفرد غير ظاهر في الغلط، ولهذا وقع في زمانا في سنة خمس وخمسين وتسعمائة أن أهل مصر افترقوا فرقتين، فمنهم من صام ومنهم من لم يصم. وهكذا وقع لهم في الفطر بسبب أن جمعا قليلا شهدوا عند قاضي القضاة
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»
الفهرست