البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
يكون عقارا ولا حيوانا مردود، لما علمت أن الصواب تفسيرها هنا بما ليس بنقد ولذا لا يرد على المصنف ما لو اشترى بذرا للتجارة وزرعه فإنه لا زكاة فيه وإنما يجب العشر فيه لأن بذره في الأرض أبطل كونه للتجارة لأن مجرد كونه نوى الخدمة في عبد التجارة أسقط وجوب الزكاة فلان يسقط التصرف الأقوى أولى. وكذا لو لم يزرعه ففيه الزكاة وبهذا سقط اعتبار الزيلعي كما لا يخفى. واعلم أن نية التجارة في الأصل تعتبر ثابتة في بدله وأن لم يتحقق شخصها فيه وهو ما قوبض به مال التجارة فإنه يكون للتجارة بلا نية لأن حكم البدل حكم الأصل، وكذا لو كان العبد للتجارة فقتله عبد خطأ ودفع به فإن المدفوع يكون للتجارة بخلاف القتل عمدا، وأجرة دار التجارة وعبد التجارة بمنزلة ثمن مال التجارة في الصحيح من الرواية. كذا في الخانية.
وذكر في الكافي: ولو ابتاع مضارب عبدا وثوبا له وطعاما وحمولة وجبت الزكاة في الكل وإن قصد غير التجارة لأنه لا يملك الشراء إلا للتجارة بخلاف رب المال حيث لا يزكى الثوب والحمولة لأنه يملك الشراء لغير التجارة اه‍. وفي فتح القدير: ويحمل عدم تزكية الثوب لرب المال ما دام لم يقصد بيعه معه فإنه ذكر في فتاوى قاضيخان: النخاس إذا باع دواب للبيع واشترى لها جلالا ومقاود، فإن كان لا يدفع ذلك مع الدابة إلى المشتري لا زكاة فيها، وإن كان يدفعها معها وجب فيها، وكذا العطار إذا اشترى قوارير اه‍. وقد يفرق بأن ثوب العبد يدخل في بيعه بلا ذكر تبعا حتى لا يكون له قسط من الثمن فلم يكن مقصودا أصلا فوجوده كعدمه بخلاف جل الدواب والقوارير فإنه مبيع قصدا، ولذا لم يدخل في البيع بلا ذكر. وإنما قال نصاب ورق ولم يقل نصاب فضة لأن الورق - بكسر الراء - اسم للمضروب من الفضة كما في المغرب. ولا بد أن تبلغ العروض قيمة نصاب من الفضة المضروبة كما في الذخيرة والخانية، لأن لزومها مبني على التقوم، والعرف أن تقوم بالمصكوك كما قدمناه. وأشار بقوله ورق أو ذهب إلى أنه مخير أن شاء قومها بالفضة وإن شاء بالذهب لأن الثمنين في تقدير قيم الأشياء بهما سواء. وفي النهاية: لو كان تقويمه بأحد النقدين يتم النصاب وبالآخر فإنه يقومه بما يتم به النصاب بالاتفاق اه‍. وفي الخلاصة أيضا ما يفيد الاتفاق على هذا وكل منهما ممنوع فقد قال في الظهيرية: رجل له عبد للتجارة أن قوم بالدراهم لا تجب فيه الزكاة، وإن قوم بالدنانير تجب، فعند أبي حنيفة يقوم بما تجب فيه الزكاة دفعا لحاجة الفقير وسدا لخلته. وقال أبو يوسف: يقوم بما اشترى فإن اشتراه بغير النقدين
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست