البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٩٧
تعريف السجاوندي فهو خلاف الواقع إذا الواقع أن درهم مصر لا يزيد على أربعة وستين شعيرة لأن كل ربع منه مقدر بأربع خرانيب والخرنوبة مقدرة بأربع قمحات وسط اه‍. وذكر الولوالجي أن الزكاة تجب في الغطارفة إذا كانت مائتين لأنها اليوم من دراهم الناس وإن لم تكن من دراهم الناس في الزمن الأول. وإنما يعتبر في كل زمان عادة أهل ذلك الزمان، ألا ترى أن مقدار المائتين لوجوب الزكاة من الفضة إنما تعتبر بوزن سبعة وإن كان مقدار المائتين في الزكاة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان بوزن خمسة وفي زمن عمر رضي الله عنه بوزن ستة، فيعتبر دراهم أهل كل بلد بوزنهم ودنانير كل بلد بوزنهم وإن كان الوزن يتفاوت اه‍. وكذا في الخلاصة وعن ابن الفضل أنه كان يوجب في كل مائتي درهم بخارية خمسة متهاوبة أخذ السرخسي واختاره في المجتبى وجمع النوازل والعيون والمعراج والخانية. وذكره في فتح القدير غير أنه قال بعده: إلا أني أقول:
ينبغي أن يقيد بما إذا كانت لهم دراهم لا تنقص عن أقل ما كان وزنا في زمنه عليه السلام وهي ما تكون العشرة وزن خمسة لأنها أقل ما قدر النصاب بمائتين منها حتى لا تجب في المائتين من الدراهم المسعودية الكائنة بمكة مثلا وإن كانت دراهم قوم وكأنه أعمل إطلاق الدراهم والأواقي في الموجود ما يمكن أن يوجد ويستحدث.
قوله (وغالب الورق ورق لا عكسه) يعني أن الدراهم إذا كانت مغشوشة، فإن كان الغالب هو الفضة فهي كالدراهم الخالصة لأن الغش فيها مستهلك لا فرق في ذلك بين الزيوف والنبهرجة، وما غلب فضته على غشه تناوله اسم الدراهم مطلقا والشرع أوجب باسم الدراهم، فإن غلب الغش فليس كالفضة كالستوقة فينظر إن كانت رائجة أو نوى التجارة اعتبرت قيمتها، فإن بلغت نصابا من أدنى الدراهم التي تجب فيها الزكاة وهي التي غلبت فضتها وجبت فيها الزكاة وإلا فلا. وإن لم تكن أثمانا رائجة ولا منوية للتجارة فلا زكاة فيها إلا أن يكون ما فيها من الفضة يبلغ مائتي درهم بأن كانت كثيرة ويتخلص من الغش لأن الصفر لا تجب الزكاة فيها إلا بنية التجارة والفضة لا يشترط فيها نية التجارة، فإن كان ما فيها لا يتخلص فلا شئ عليه لأن الفضة فيه قد هلكت. كذا في كثير من الكتب. وفي غاية البيان: الظاهر أن خلوص الفضة من الدراهم ليس بشرط، بل المعتبر أن تكون في الدراهم فضة بقدر النصاب. فأما الغطارفة فقيل: يجب في كل مائتين منها خمسة منها عددا لأنها من أعز الأثمان والنقود عندهم. وقال السلف: ينظر إن كانت أثمانا رائجة أو سلعا للتجارة تجب الزكاة في قيمتها كالفلوس، وإن لم تكن للتجارة فلا زكاة فيها لأن ما فيها من
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست